زمردة النيل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
زمردة النيل

منتدانا يهتم بالتاريخ والفن والثقافه وكل ما هو جديد من العلوم


    من تاريخ هيرودت- الجزء الثالث

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 297
    تاريخ التسجيل : 18/10/2010

    من تاريخ هيرودت- الجزء الثالث Empty من تاريخ هيرودت- الجزء الثالث

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 9:06 pm

    من تاريخ هيرودت- الجزء الثالث


    العرب وآرابيا "جزيرة العرب"



    فى رحلة قمبيز لغزو مصر ارسل رسلا للعرب لطلب المرور الآمن عبر اراضيهم وقبل العرب رجاءه وتعاهدوا على ذلك فان العرب يحافظون على العهود دينيا اكثر ممن سواهم وهذه هى صيغة او طريقة العهد لديهم. فعندما يتعاهد اثنان على الصداقه يقفان مواجهان لبعضهما البعض وبينهما ثالث ويقوم الثالث بعمل قطع بيد كل منهما من الداخل بالقرب من الاصبع الوسطى ويأخذ قطعة من ثوبهما ويغمسها بدم كل منهما ويقوم بترطيب سبعة احجار ملقون بالوسط وهو يقوم فى اثناء ذلك بالدعاء او اللجوء لباخوس واورانيا. وبعد ذلك فان الرجل الذى يقوم بالعهود يمدح ويثنى علي هذا الغريب او المواطن لكل اصدقائه ويعتبرونه ملزما بالعهد والاتفاق ولديهم الهين يشهدوا على ذلك باكوس واورانيا ويقولون انهم يتبعون باكوس فى قصة شعره. ويدعون باكوس بلغتهم اوروتال واورانيا يدعونها اللات.



    وعندما عاهد الملك العربى رسل قمبيز، ملأ عدة من جلود الجمال (قرب) بالماء وحمل كل الجمال التى يملكها وذهبوا بالصحراء منتظرين قدوم الجيش. هذه احدى القصتين المتداولتين وهى الاوقع. اما الاخرى فهى غير معقوله وهى انه يوجد نهر كبير فى جزيرة العرب يطلق عليه كوريس-قورش- Corys والذى يصب بالبحر الاحمر ويقال ان الملك العربى صنع انابيب من جلود الثيران وبعض الحيوانات الاخرى لحمل الماء من النهر عبر الصحراء فى تلك الانابيب والى صهاريج كان قد حفرها بالصحراء لاستقبال هذا الماء ويقال ان الماء احضر من ثلاثة اماكن مختلفه عبر ثلاثة انابيب.



    هذا ما قاله هيردوت عن بلاد العرب ولى عدة ملاحظات


    اولا مدح العهود والحفاظ على العهد (واخوة الدم)



    ثانيا الالهه فاما اوروتال -ايضا معبود نبطى لكن لا اعرف اسمه بالعربيه - واما اللات فنعرفها جميعا والملاحظ هنا وحدة الالهه رغم اختلاف مسمياتها وكانت اللات تعبد فى مكه فهل هذا دليل على ان مكه هى المعنيه بهذا الكلام! لا نستطيع الجزم بصورة نهائيه حيث انه يقال انها كانت تعبد فى بلاد الانباط



    وهذا المقال الذى كتبته عن اللات وباقى الالهه



    حتحور واللات..عشتار وايزيس والعزى .. حورس ونسرا


    هذا مبحث فى المعبودات بالجزيره ومصر والشام والعراق وهو يظهر مدى الترابط العقائدى بين هذه الدول حيث ان هذه المعبودات كانت مشتركه بينهم.



    حتحور من معبودات المصريين القدماء واسماؤها الاخرى حت وحيرت وحتحيرو وهى راعية السماء والشمس والملكه والموسيقى والرقص والفنون وكانت تبدو فى شكل امرأه فى زى الملكه وهى تحمل قرص الشمس والقرون على رأسها اوتبدو على هيئة بقرة تحمل قرص الشمس بين قرنيها.ولكن هذا الشكل لها كامراه برأس بقره لم يظهر الا فى حقبات متأخره.وحتحور هى معبودة قديمه ترجع الى عهد ما قبل الاسر. وعندما بدأ عصر الاسرات وارتبط حورس بالملك كانت حتحور هى الملكه ومعنى اسمها "بيت-منزل حورس" وهكذا فهى مرتبطه بالاسرة الملكيه ولكن لان العالم ايضا يمكن ان يقال عليه بيت حورس فان حتحور يمكن اعتبارها كالمعبوده الام للعالم ككل مثلها كايزيس.



    وكانت عباده حتحور استثنائيه وغير عاديه اذ ان كل من الرجال والنساء كانوا كهانا لها (بعكس معظم الديانات التى كان رجال الدين بها من نفس الجنس) وكثير منهم كانوا حرفيين وموسقيين وراقصين وكانوا يوجهون مهاراتهم لخلق طقوس فنيه. وكانت الموسيقى والرقص جزءا من عبادة حتحور اكثر ممن سواها بمصر وكانت الناس ياتون الى معابدها لتفسير احلامهم وكانت تعبد فى كل مصر وكان مركز العباده فى دندره بمصر العليا.(Tour)


    وبمرور الوقت اندمجت عبادة حتحور مع ايزيس وعبدت فى امان عديدة فى مصر (مصر القديمه)



    حتحور والنات


    وظلت الاشاره لها فى حقبات متاخره وخلال العصر الهيليني حدد المصريون حتحور بالننات وايزيس وساواها اليونانيون باثينا وهى ربه الحرب العذراء وكان الفينيقيون يدمجونها مع عشتار او ايثتارو (Touregypt) والنات او الناث هى احدى معبودات الكنعانيين واول ذكر لعبادتها جاء من مدينة مارى خلال حكم زيميرى لم -1780- 1758 ق م وكانت توصف دائما بانها عذراء (biblicalheritage)


    اما اللات فهي إحدى االمعبودات التي عبدتها قريش بالجزيرة العربية قبل الإسلام. وكانت هي ومناة والعزى يشكلن ثالوثا أنثويا عبده العرب وبالخصوص ممن سكن مكة وما جاورها من المدن والقرى وكذلك الأنباط وأهل مملكة الحضر. وكانوا يعتقدون أن الثلاثة بنات الله، وقسم من العرب اعتقد أن اللات ومناة ابنتي العزى وقد كانت تعرف في عهد هيرودت باسم: أليتا، وذكرأنها كانت الزهرة السماويه.


    واللات معبودة الكنعانيين والعرب هي أحد أشهر الربات العربيات وقد كانت ترد حسب المصادر القديمة لصيقة بالعزى و كانت طرفا في الثالوث الجاهلي مع مناة. وكانت اللات معروفة عند معظم الشعوب التي سكنت شمال الجزيره وانتقلت عبادتها إلى عرب مكه بسبب رحلات التجارة (رحلة الشتاء والصيف) التي كان يقوم بها التجار.


    وفى الحجاز كانت اللات عند العرب على شكل صخرة بيضاء مربعة منقوشة، ويقال أن تلك الصخرة كانت نيزكا هوى إلى الأرض أو حجرا بركانيا. وكانت مرتبطة بالسماء والشمس والصيف. وعند الانباط كانوا يسمونها "اللت" كما ورد في النصوص النبطية التي وجدت في تدمر وصلخد والحجر وكانت ربة البيت. وقد ورد أن ابن الملكة الزباء من زوجها أذينه كان اسمه وهب اللات. ويظن أنهم رمزوا لها بالزهره السماويه . اما عند الاشوريين فعندما دخلت عبادة اللات إلى سوريا قرنوها بحدد إله المطر(ويكى).



    عشتار-عشيره-ايزيس-العزى


    ترمز بشكل عام إلى الإلهة الأم الأولى منجبة الحياة، وكان أحد رموزها الأسد. وكان السومريون يطلقون عليها عناة والعرب يسمونها عثتر والإغريق يسمونها أفروديت. ظهرت أول مرة في بلاد سومر في جنوب بلاد الرافدين، قبل أكثر من ستة آلاف عام، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات، وإما بالرمز الذي يدلّ عليها في الخطّ المسماريّ وهو النجمة الخماسية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب. وقد سمّاها السومريون إنانا. (ويكى). وظهرت فى ملحمة جلجامش.


    وعشيره وهى ام المعبودات وتمثل الحياه والبحر العميق الاولى القديم وكانت الربه الرئيسيه للمدن الساحليه لسدون وتاير وفى الالواح الاوجاريتيه تكتب اترت وتترجم للانجليزيه اثيرت وهى مشتقه من الربه السومريه ناممو وتبدو مساويه للربة البابليه للبخر العميق ممو-تيامت والتى كانت لديها القدره على تشكيل الحياه وترسم على شكل انثى ويرمز لها بالقطب.اما ايثار فهو معبود نجمة الصباح-الزهره(Biblicalheritage)



    وفى منطقة عرب الصفا كان من معبوداتهم : عشتر ( إله كوكب الزهرة)) واللات ( أشهر الآلهة وكانت إله الشمس عندهم ) وذو شرى , وشمس-جرام , ومارنا ( زوسر عند أهل كريت ) ورضا ( آلهة نجم المساء) وجد – عويذ ( حظ عويذ) وأثاع , رحام , شيع القوم ( وأتباعه لا يشربون الخمر عكس أتباع مذهب دوزاريس) راجع .. ديسو - العرب فى سوريا الفصل الرابع وما بعده .. وكتاب زيدان ص 248- 250 .. وراجع جواد على ج3 ص (صوت الحق)


    والعزى هي من أكبر المعبودات التي عبدها أهل مكه في الجزيرة العربية قبل الإسلام. وقد كانت طرفا في الثالوث الإلهي الذي يجمعها مع اللات ومناة، إلا أنهم كانوا يفضلونها هي وتأتي بعدها في المرتبة الثانية اللات ثم مناة. وكانوا يعتقدون أيضا أنها من بنات الله. كانت قريش تخصها بالعبادة ويعبدها أيضا كل من والاهم. وحسب رواية ابن الكلبي فإن أول من اتخذ العزى إلهة يعبدها هو ظالم بن أسعد.


    وقد أورد الطبري روايات تفيد بأن العرب كانوا يقدسون أجمة شجيرات على أنها تمثلها، وفي روايات أخرى ورد أنها حجر. والغالب أنه كان للعزى تمثالا على شكل امرأة. ويظهر من اسمها الذي هو مشتق من العزة أنها كانت إلهة قوية عزيزة تعز من عبدها، وقد كانت قريش تحملها معها في حروبها. وكانوا يسمونها ملكة السماء. وكانوا يرونها أيضًا شديدة العقاب والانتقام ممن يعاديها، وذلك أن امرأة رومية أسلمت فذهب بصرها بعد إسلامها بقليل فقالت قريش: "ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى" فلما بلغ المرأة الرومية كلامهم قالت: "كذبوا وبيت الله! ما تضران اللات والعزى"(ويكى).


    وقد قال بدر شاكر السياب بهذا الصدد في حوار أجراه كاظم خليفة: ان العرب عرفوا الرموز البابلية بين عهد إبراهيم والبعثة النبوية، فالعزي هي عشتار واللات هي اللاتو، ومناة هي منات وود هو أودون أو السيد. ومن كتاب لغز عشتار "إنّ موت النباتات في الخريف وحياتها في الربيع هو غياب عشتار وعودتها قوية متجددة ، وفي الخريف تهبط عشتار إلى العالم الأسفل لترقد هناك طيلة فصل الشتاء، ومع الربيع تنتفض من مرقدها ملونة وجه البسيطة بكل أخضر بهيج". وقد ارتبط كوكب الزهرة عند العرب بالأم العربية الكبرى ، وكانوا يعبدونه ويسمونه ( العزى) . من كتــــــــاب لغز عشتار نبش من الماضي السحيق.


    ويعتقد فراس السواح مؤلف (لغز عشتار) ان جميع (العشتارات) من أصل واحد يعود بالبشرية الى عهد براءتها الأولى حين كانت (الأم الكبرى) هي القائدة والرائدة وغارسة بذور النماء والمحبة، فأنانا السومرية وهي أولهن هي عشتار البابلية وايزيس المصرية وعشتروت الفينيقية وارتميس اليونانية وديانا الرومانية وحتى عرب الجاهلية كان عندهم عشتارهم وهي العزى التي لازمتهم بضعة قرون قبل ان تتركهم وتتحول الى كوكب الزهرة -(الشرق الاوسط)



    حورس هو نسرا


    حورس من المعبودات المصريه ويكتب بالهيروغليفيه ḥr.w وينطق حارو او صقر وكان يعتقد ان اسمه يعنى "البعيد" او "الاله الذى باعلى او فوق" كما جاء بكتاب ميلتزر "الالهه القديمه تتحدث:دليل للديانه المصريه"Meltzer,Edmund S. (2002).




    ومن أشهر أصنام العرب صنم إسمه " نسر" ويظن أنه كان على شكل نسر محمد جمعة ص 118 ولو أنه يمكن أن تكون عبادة نسر متعلقة فى الاصل بعبادة الكواكب , إذ وجد إسم نسر فى النقوش القتبائية التى نشرها رودوكاناكيس , وفى النقوش السباية التى ذكرها فلهوزن .. وفى شكل " النسر الشرقى والغربى " مما قد يشير إلى مجموعة الكواكب القريبة من المجرة راجع المرجع السابق ص 121 – 122 ( النظم الإجتماعية والسياسية عند قدماء العرب والساميين).


    وكان النسر من معبودات قبائل حمير بذى الكلاع فى موضع يقال له بلخع من أرض سبأ من اليمن وذلك قبل دخول حمير فى اليهودية قارن ياقوت مع معجم البلدان ( نسر) ج4 ص 780- 781 . وقال ابن إسحاق ابن هشام الجزء الأول : وذو الكلاع من حمير ، اتخذوا نسرا بأرض حمير142- 153 (صوت الحق)



    تعليق


    ومما سبق يتبين لنا ان حتحور هى اللات وعشتار والعزى هما ايزيس ونسرا هو حورس . وهكذا نستطيع ان نقول ان هذا االتشابه والتماثل الدينى عكس التحام دينى ثقافى بين سكان هذه المناطق ويمكن رؤية ذلك من خلال استقبال حتحور-او اللات- لحتشبسوت فى جزيرة العرب .


    يا عزَّ كفرانك لا سبحانك اني رأيت الله قد أهانـــكـ (خالد بن الوليد)



    ونعود لهيرودوت:


    ثالثا النهر الكبير ثبت وجوده بالفعل من صور بالاقمار الصناعيه وكان ينبع من العراق ويقطع الصحراء وهو ما يثبت كلام المرسل بالحق ان بلاد العرب كانت انهارا ومروجا ولا نحتاج لما يثبت قول الرسول انما هى ادله فى وجه المشككين



    وهذا الجزء المنقول من أقوام الجزيرة العربية وأصولها


    د. سامي مهدي


    جريدة القدس العربي ( عدد أكتوبر 4 -2009



    جزيرة العرب :


    كانت جزيرة العرب في العصر البلايستوسيني ( قبل الميلاد بعشرة آلاف عام أو أكثر ) أرضاً خضراء ، غزيرة المياه ، معتدلة المناخ ، عامرة بالحياة النباتية والحيوانية ، ثم تصحرت ، وأخذت تزداد تصحراً على مر العصور ، وتطرد سكانها تدريجياً إلى بادية الشام في موجات صغيرة وكبيرة من حقبة زمنية إلى أخرى ، ولم يسجل التاريخ من هذه الموجات إلا تلك التي أحدثت تحولات سكانية وحضارية وسياسية .


    إن خضرة الجزيرة العربية حقيقة تاريخية تدل عليها جغرافيا الجزيرة نفسها ، وتؤكدها الكتابات القديمة ... فصورتها التي نعرفها اليوم كانت غيرها في الأمس البعيد ، وخاصة مناطقها الصحراوية الحالية . ففي الجزيرة عدة وديان كبرى كانت تجري فيها أنهار عظيمة تخترقها من شتى الجهات أهمها : وادي حنيفة الذي يبدأ من منحدرات جبل طويق الغربية ويتجه شرقاً نحو الخليج العربي ولا يصل إليه ، ووادي الحمض الذي نشأت مدينة يثرب على أحد فروعه ، وكان نهر هذا الوادي يصب في البحر الأحمر . ووادي السرحان الذي كانت مياهه تنبع من شرقي جبال حوران وتخترق سهول الجزيرة الشمالية لتصب في الخليج العربي . ووادي الرمة الذي كانت مياهه تنبع من شرقي جبال مكة وتتجه شرقاً لتصب في بحر عمان بعد أن تنضم إليها عدة فروع . ووادي الدواسر ، وكانت مياهه تنبع من شرقي اليمن وتتجه شمالاً فتخترق الربع الخالي ثم تتصل بوادي الرمة على مقربة من الخليج العربي . غير أن هذه الوديان جفت منذ زمن بعيد ، ولم تعد بالعمق الذي كانت عليه ، ولكن آثارها الباقية تدل على أنها كانت مجاري أنهار عظيمة ، وأصبح بعضها مجاري للسيول ومراكز مؤقتة لتجمع المياه في المواسم المطيرة ، قبل أن تتحول إلى مياه جوفية .


    ويذكر برترام توماس صاحب كتاب ( العرب ) أنه وجد بقايا بحيرة في الربع الخالي عند منخفض ( أبو بحر ) ، كما لاحظ في حينه أن وادي الرمة ما يزال مليئاً بالصخور الرسوبية والحصى ، وهذا يدل على أنه كان في القدم مجرى نهر غزير المياه . ويؤكد الدكتور احمد سوسة وجود بقايا بحيرات مليئة بالمياه في بعض المناطق الصحراوية ، ويذكر أن في منطقة الخرج ، مثلاً ، عدة بحيرات في وسط الصحراء استغلتها الحكومة السعودية في زراعة الأراضي المجاورة . وقد درس سوسة ، كما يقول ، هذه البحيرات عندما أوفدته الحكومة العراقية على رأس بعثة فنية لإقامة مشروع ري عليها منذ بضعة عقود . وتقع منطقة الخرج هذه جنوب شرقي الرياض ، وتوجد فيها خمس بحيرات منها أربع تقع جنوبي اليمامة ، والخامسة تقع جنوبي منطقة الخرج بمسافة تقرب من مائة كيلومتر . وأهم هذه البحيرات ثلاث تبلغ مساحة كل منها أكثر من أربعة آلاف متر مربع ، ويصل عمق مائها إلى أربع مائة قدم ، ويتصل بعضها ببعض بمجار جوفية .



    وقد عثر العاملون في شركة أرامكو النفطية على صهاريج أرضية شبيهة بها متصلة بأنفاق وعليها فتحات متعددة لاستقاء الماء في القطيف والأحساء والفلج وأواسط نجد وأماكن أخرى تعد اليوم من المناطق الصحراوية ووجدوا على مقربة منها آثار قرى كانت عامرة وذات مزارع واسعة ، وهذا يدل على غزارة المياه الجوفية التي كانت تختزنها في الماضي . هذه البحيرات والصهاريج ، وتلك الوديان ، دليل على أن الجزيرة العربية لم تكن كما نعرفها نحن اليوم ، بل ربما لم تكن فيها أية صحارى في الماضي السحيق . ولكن التصحر حدث في حقبة بعيدة ، وتزايد بمضي القرون في خضم التحولات المناخية التي طرأت على العالم وعلى الجزيرة نفسها ( مثلما يحدث اليوم في القارة الإفريقية ) فراح يدفع ببعض سكانها حين يتكاثرون وتشح مياههم إلى الرحيل عنها والبحث عن مواطن أخرى أكثر خصباً منها ، أو أقل جدباً ، ولذا اتخذت هجرة هؤلاء السكان شكل موجات متعاقبة ومتباعدة .


    ويبدو أن الوضع في الجزيرة كان في أواسط الألف الأول قبل الميلاد أفضل مما أصبح عليه في القرون اللاحقة . فقد ذكر هيرودتس ( 484 425 ق. م. ) خبر ( نهر عظيم ) في بلاد العرب سماه ( كورس ) يصب في البحر الأحمر وقال إن ملكهم عمل على نقل المياه من هذا النهر إلى الصحراء على مسيرة اثني عشر يوماً من ضفته ، وربما قصد هيرودوتس بذلك وادي الحمض . وبعد أربعة قرون أو نحوها ذكر ديودروس الصقلي ( 80 ق. م. _ 40 م ) أن بلاد العرب التي تقع في الشمال من العربية السعيدة ( أي اليمن ) وتمتد حتى سورية ( يتخللها كثير من الأنهار ويهطل عليها مطر غزير في الصيف فيكون لسكانها بذلك موسمان زراعيان في السنة الواحدة ) . أما بطليموس ، وهو من رجال القرن الثاني الميلادي ، فذكر اسم ( نهر عظيم ) آخر من أنهار الجزيرة سماه ( لار ) وذكر أنه ينبع من منطقة قرب نجران ، ويرى المختصون أن المقصود به وادي الدواسر .


    ويبدو أن الجزيرة أصبحت أكثر تصحراً في العصر الجاهلي فاضطرت بعض قبائلها إلى النزوح من مواطنها نحو العراق والشام وسواحل الخليج العربي . ومع ذلك يعرف المطلعون اطلاعاً واسعاً على شعر هذا العصر ، وعلى مؤلفات البلدانيين العرب ، أن القبائل العربية لم تكن قبائل جوالة ، كما يتوهم المتوهمون ، بل كانت لها مستوطنات ودارات ثابتة عند عيون المياه وتجمعاتها وآبارها ، وكان لكثير منها مدن ( يسمونها قرى ) تقطن فيها وعلى أطرافها . ولو أخذنا الحجاز مثلاً وبدأنا من نجران على تخوم اليمن واتجهنا شمالاً نحو بادية الشام ، لوجدنا سلسلة من المدن والواحات منها :


    نجران ، وجرش ، وتبالة ، والطائف ، ومكة ، ويثرب ، ومية ، وخيبر ، والعلا ، وتيماء ، وتبوك ، وصولاً إلى دومة الجندل . وعدا هذه المدن كان ثمة عيون مياه كثيرة ومستوطنات ثابتة وحِرار ( جمع حرّة ) ودارات على امتداد الحجاز وجباله ووديانه . وهذا لا يقتصر على الحجاز وحده ، بل يشمل هضبة نجد واليمامة وسواحل الخليج العربي . وقد بلغ عدد دارات الجزيرة حسب الفيروز أبادي نحو ( 110 ) دارات ، وهي ليست كل الدارات بل ما تمكن هذا الرجل من إحصائه .


    والواقع أنه ما من قبيلة ( أو بطن من بطونها أو فخذ من أفخاذها ) إلا وكان لها ( أو له ) موطن مستقر عند مورد مائي ثابت يغزر حيناً ويشح حيناً آخر بحسب الأمطار ومدى غزارتها في المواسم . ولذا يندر أن كانت القبائل تتنازع من أجل المياه ، وأشهر النزاعات التي نشبت لهذا السبب هو النزاع بين قبيلة طيء ( القحطانية ) وقبيلة أسد ( العدنانية ) حول جبلي أجأ وسلمى ( جبل شمّر اليوم ) في شمالي نجد . ولكن غالباً ما كان تقلب المناخ وشح المياه وتكاثر السكان ما يدفع القبائل للنزوح . فقبيلة إياد ( العدنانية ) مثلاً كانت تقيم في تهامة ، ولما شحت مياهها وكثر أبناؤها نزحت بطون منها نحو سواحل الخليج العربي ، ونزحت أخرى نحو العراق . ونزح بعض الأزد من اليمن إلى تهامة فنزلوا عند عين يقال لها ( غسان ) ثم شح ماؤها فنزحوا إلى الشام ، وهؤلاء هم من عرفوا في ما بعد بالغساسنة . وكان رعاة قبيلة بكر بن وائل يشتون في الجزبرة العربية ويصيفون في بوادي العراق ، بل أن بعضهم ( بني شيبان وبني يشكر) نزح إليه واستوطنه . ويمكننا أن نقيس ما كان يحدث من هجرات في الماضي البعيد بما كان يحدث في العصر الجاهلي . فما حدث في هذا العصر يعطينا صورة واضحة مشابهة لما كان يحدث قبله ، وهو أيضاً ما كان يحدث حتى عهد قريب ، حين نزحت بطون من قبائل شمر وعنزة وغيرهما إلى بوادي العراق والشام .


    هذا كله يعني أن الجزيرة العربية ، بعكس بادية الشام ، كانت تتمتع بكل مقومات الوطن الأصلي القادر على استيعاب أعداد كبيرة من البشر ، ولكن التصحر المطّرد وشح المياه ، في مقابل تكاثر السكان ، هو ما كان يدفع بأقوامها إلى النزوح


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 2:42 pm