الزواج على الطريقة.. الهندية
بدلا من الغرام من النظرة الأولى على طريقة أفلام بوليوود.. أصبح الهنود مشغولين جدا
نيودلهي: براكريتي غوبتا
على عكس قصص الغرام الساخنة في أفلام بوليوود الخلابة التي يقع فيها البطل والبطلة في الحب من أول نظرة، تزوجت سعدية صدقي، وهي طبيبة بمستشفى دلهي وفي نهاية العقد الثالث من عمرها في يناير (كانون الثاني) الماضي من شخص تعرفت عليه على الشبكة الإلكترونية يدعى ألطف خان، وهو طبيب هندي يعيش في ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة.
وكانت أول مرة يرى الاثنان بعضهما بعضا وجها لوجه في العيد من العام الماضي، بعد أن قضيا عامين تعارفا خلالهما عبر الإنترنت. وفي العيد سافر ألطف إلى دلهي، وعرض على سعدية الزواج، ومع ذلك استغرقت أكثر من شهرين لتوافق على ذلك، وفي النهاية تزوج الاثنان في مطلع العام الحالي. قبل ذلك كان كل شيء بالنسبة لسعدية يسير على ما يرام، فقد كانت تحظى بعمل مهني عظيم وحياة اجتماعية جيدة ومجموعة رائعة من الأصدقاء. ولكن، الشيء الوحيد الذي كان يصيبها بالحزن هو أنها لم تعثر على الرجل الذي تتمناه. وتقول سعدية: «كنت أشعر باليأس وأنني لن أجد الشخص المناسب تماما لي، ودائما ما كان يأتي في طريقي أشخاص سيئون. فدائما كان يحدث شيئا خطأ. فإذا كان لدى الشخص وظيفة جيدة ويتمتع بمظهر جميل، أجده يفتقر إلى شيء ما. وإذا كان هناك شخص رائع ويتحلى بالميزات كافة، أجد أن له أمّا تثير المشكلات. وكانت هناك ضغوط كبيرة اجتماعية ومن جانب الأسرة كي أتزوج، ولكني لم أستسغ فكرة أن أقضي حياتي مع شخص عادي، وفي يوم من الأيام بدأت أدخل على كثير من مواقع التعارف».
وعندما بدأت لأول مرة تستخدم الموقع، لم تفكر في أن ذلك سيعود عليها بالنفع. وتقول: «لم أكن بالفعل أبحث عن أحد، ولكن شيئا حدث. كنت أتصفح الإنترنت، وعثرت على ذلك وبدأت أتحدث إلى الناس لأرى ماذا سيحدث وبعد أشهر قليلة تعرفت على ألطف من خلال أحد المواقع». وكان الاثنان يتواصلان عبر الإنترنت ومن خلال المكالمات التليفونية؛ إذ إن ألطف يعيش في نيوجرسي بينما تعيش سعدية في دلهي. ولا تعد هذه مجرد حالة فريدة، ولكن تروق فكرة البحث عن شريك في السر داخل المنزل من خلال النقر على الماوس لكثير من الهنود. وخلال عام 2009، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت من أجل الزواج 25 مليون شخص، وتفخر المواقع الإلكترونية المتخصصة في التوفيق بين الراغبين في الزواج بإتمام مليون حالة بنجاح حتى الآن. وداخل مجتمع محافظ مثل الهند، توجد خصوصية في الزواج على عكس ما يعتقده الغرب، فالزواج ليس مجرد اتحاد لروحين ولكن اتحاد بين عائلتين أيضا. ولهذا يعد اختيار شريك في الحياة القرار الأصعب في الحياة، ويشارك فيه آباء العروس والعريس، الذي يبحث عن شريكة حياة تعتنق الديانة نفسها ومن المستوى الاجتماعي نفسه. وينتشر الزواج بسبب الحب داخل الهند، ولكن لا تزال 70 في المائة من الزيجات تتم بين طرفين لم تكن بينهما قصة حب. وأصبح العثور على شريك مناسب تماما أمرا صعبا في العالم المتسارع. وفي النهاية لجأ الناس إلى بعض الخاطبين، آملين في أنهم سيساعدونهم على إتمام عملية البحث. وأعطت مواقع الزواج الإلكترونية داخل الهند أملا جديدا للآباء والأولاد، حيث تعمل العائلات والعرائس والعرسان المحتملون على العثور على شركائهم في الحياة عبر مواقع تعارف ومواقع إلكترونية متخصصة في التوفيق بين الراغبين في الزواج. وتقدم هذه المواقع خدماتها عبر الشبكة الإلكترونية، وتستهدف المواطنين الراغبين في الزواج. ويروق هذا الاتجاه الجديد إلى هؤلاء الذين يرغبون في الجمع بين الحب والزواج المرتب له، وأصبح يطلق على ذلك «الزواج المخطط». وفي إطار ذلك، يتقابل الأشخاص بنية الزواج بعد التعرف على بعضهم بعضا ومعرفة الخلفيات الاجتماعية والمالية والتعليمية. وأصبح هذا النوع من التوفيق بين الراغبين في الزواج عبر الإنترنت رائجا داخل الهند وبين الهنود الذين يعيشون في الخارج. وقد أحدثت الإنترنت ثورة في فكرة الزواج داخل الهند من خلال هذه المواقع، وتضاعفت أعداد مواقع الزواج، وزادت بمقدار ثلاثة أضعاف خلال الأعوام الخمسة الماضية. ويساعد البحث الإلكتروني المستخدمين في العثور على من يريدون سريعا، وينشرون الملفات الخاصة بهم مجانا ويبحثون مجانا، ولكنهم يدفعون رسوما مقابل الخطوات التالية بعد ذلك. ويمكن للفرد أن يتواصل مع أطراف عدة سرا، ويعد ذلك شيئا هاما داخل الثقافة المحافظة. ويمثل الدين واللغة الأم والوضع الاجتماعي أهم بنود البحث من أجل الزواج، وتوجد معايير أخرى منها الطول (حيث يجب أن يكون الرجال أطول من زوجاتهم)، والعمر (يجب أن يكون الرجال أكبر سنا) والعمل والمستوى التعليمي، والأهم من ذلك «الشكل». وداخل دولة عدد سكانها يبلغ 1.12 مليار نسمة، تفخر المواقع الإلكترونية بأن عدد الأعضاء يبلغ نحو 25 مليون عضو وأنها أتمت مليون حالة بنجاح. ويمثل الزواج عبر الإنترنت سوقا قيمتها 30 مليون دولار في الهند في الوقت الحالي، ويشهد ذلك نموا متسارعا. ويمثل التوفيق بين الراغبين في الزواج من الأنواع كافة، ومن بينها عبر الإنترنت، 400 مليون دولار. وخلال الأعوام العشرة الأخيرة يبدو أن المواقع أحدثت ثورة في عملية البحث عن شريك الحياة داخل الهند. ومن المواقع البارزة (والترتيب أبجدي) Bharatmatrimony.com وJeevansaathi.com وandShaadi.com. ويوجد إقبال جيد على مواقع الزواج. وبالنسبة للزوار خلال شهر يونيو (حزيران) 2008، قالت شركة «سكور إنك» إن موقع Bharatmatrimony.com يأتي على رأس القائمة حيث زاره مليونا شخص، ويليه Shaadi.com (1.4 مليون زائر) وSimplmarry.com (0.94 مليون). وتهدف معظم مواقع الزواج إلى أن تكون وسيطا إلكترونيا في جميع عمليات التخطيط للزواج. وثمة سؤال مطروح: كيف تعمل مواقع التوفيق بين الراغبين في الزواج على أرض الواقع؟
ويزعم موقع Shaadi.com أنه خلال 11 عاما عثر 0.8 مليون شخص على شريك حياته من خلال الموقع الإلكتروني. ولكن على الأقل 60 في المائة من المقبلين على الزواج في الوقت الحالي يضعون ملفات لهم على المواقع الأربعة البارزة. ولذا، فإن الفضل في إتمام الزيجات يوزع على هذه المواقع، وفي بعض الأحيان على مصادر أخرى، ولا يمكن لأي موقع تحديد نسبة نجاح واضحة. ومن خلال موقع 1RupeeMatrimony.com، يمكن للفرد دفع روبية واحدة في اليوم ليتمكن من البحث عن شريك حياته الذي سيؤدي إلى تغير قيمته «مليون دولار» في حياة الفرد. ويعتقد مؤسس موقع 1RupeeMatrimony.com، والرئيس التنفيذي به، سيد بير أن كل هندي يجب أن توجد أمامه فرصة للعثور على شريكه المناسب تماما من خلال التقنية الحديثة، وأنه يجب أن لا يكون ذلك حكرا على الأثرياء. ويقدم 1RupeeMatrimony.com إمكانية البحث على 15 موقعا متخصصا في كل منطقة بالهند. وتهتم مواقع الزواج بالمجتمعات المختلفة داخل الهند وبالأديان، وتجذب حاليا 8000 مستخدم كل يوم. ويدعم هذا الموقع موقع أم وهو nikah.com، وهو مقدم خدمة الزواج الأكبر للمسلمين. ويقول سانجيف باوا، رئيس شركة «ستريكون للإعلانات» ومقرها نيودلهي، إن استهداف الفئات المتخصصة أصبح ذا جدوى عملية، حيث إنه أدرك أن الشركات الناشئة مثل شركته لا يمكنها التنافس من اللاعبين البارزين. وكانت النتيجة موقع www.bposhaadi.com الذي يستهدف عمال مراكز الاتصالات وwww.govtshaadi.com والذي يستهدف عمال القطاع الحكومي. وظهر موقع آخر يعتمد على معتقد في علم التنجيم الهندي بأن الشخص الذي يولد عندما يكون كوكب المريخ في موضع معين لا يعد مناسبا للزواج، ولكن يمكن تجاوز هذا الأثر السلبي بزواج اثنين ولدا في الظروف نفسها. ويضيف أن «www.manglikshaadi.com» مسجل به الآن أكثر من 14 ألف عضو. ومنذ بداية النشاط قبل خمسة أعوام، قدم باوا مزيدا من المواقع على الإنترنت، بما في ذلك مواقع موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص الذين اجتازوا العقد الرابع من عمرهم، الذين تأخر بهم قطار الزواج لأنهم فضلوا أن يحققوا النجاح في وظائفهم قبل أن يتزوجوا.
وأعاد موقع «BharatMatrimony.com»، وهو بمثابة العلامة التجارية للزواج في الهند، إطلاق نفسه مرة أخرى تحت اسم آخر وهو «PrivilegeMatrimony.com». وفي الوقت الذي جرى تقديم فيه هذه الخدمة في بادئ الأمر على أنها حزمة ملحقة على أحد المواقع على الإنترنت، فإن «القاعدة المتنامية من العملاء واحتياجاتهم المتزايدة شجعتنا على التوسع فيها لتصبح خدمة شاملة تصل إلى جمهور أكبر».
وهذه الخدمة موجهة للمهنيين المنشغلين الذين ليس لديهم الوقت الكافي للبحث عن شريك حياتهم، وموجهة أيضا للأشخاص الذين يفضلون الاستعانة بشخص خبير في هذا المجال ليساعدهم في العثور على أزواج مناسبين. وبالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون هذه الخدمة، فسيجري تعيين مدير علاقات خاص لهم تلقى تدريبا رفيعا في جميع مجالات التوفيق بين الراغبين في الزواج. ويقضي مدير العلاقات بعض الوقت مع العضو ليفهم احتياجاته ويساعده في العثور على الزوج المناسب له. وتتمتع هذه الخدمة بالسرية التامة، ويستطيع الأعضاء أن يقرروا المستويات الخاصة بهم من السرية، بما في ذلك تحديد: هل يرغبون في الاتصال بالزوج المختار مباشرة أم إنهم يفضلون أن يقوم مدير العلاقات بالجولة الأولى من المحادثات؟. والميزة الرئيسية في هذه الخدمة هي أن العضو يستطيع أن يتصل مباشرة مع مدير العلاقات وأن يعمل معه عن كثب حتى يتم الوصول إلى زواج طيب.
ويعد التلفزيون وسيطا جديدا في مجال التوفيق بين الراغبين في الزواج بالنسبة للهنود المنفتحين إلى حد كبير. فالظهور على شاشات التلفزيون لم يعد مقصورا فقط على المشاهير، حيث يظهر الأشخاص العاديون على شاشات التلفزيون ليدعوا العالم يشاهد الطقوس الخاصة بهم في التودد والمغازلة والخطوبة.
استقرت تانو سينغ، التي تبلغ من العمر 26 عاما وولدت في ولاية البنجاب شمالي الهند، مع أسرتها في ولاية شناي جنوبي الهند على مدار الـ22 عاما الماضية. وفقد آباؤها الاتصال مع الأهل في محل ميلادهم، وأصبح الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لهم في أن يعثروا على الشاب المناسب لابنتهم، ومما زاد الأمر سوءا هو أن تانو تبنت موقفا قويا للغاية ضد المهر، الذي أصبح من الضرورات في مجتمعها. ولا يعد وصول تانو إلى درجات عالية في التعليم، حيث إنها حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال وتعمل في بنك دولي وتدرس في إحدى المدارس، ذا فائدة في هذا الشأن على الإطلاق.
ويقول رانفير سينغ، والد تانو الذي ملأ ملف ابنته على موقع «Shaadi.com» قبل عام: «في الوقت الذي فقدنا فيه الاتصال مع الأهالي في المكان الذي ولدنا فيه وعشنا بداية حياتنا، فإن تبني النظام القديم في الوساطة للعثور على الزوج المناسب أصبح صعبا». وظهرت تانو في برنامج تلفزيوني يسمى «زفاف النجوم»، وهو برنامج يتعامل مع موقع «Shaadi.com». وتم إذاعة مقطع صغير عن حياتها، وتم دعوتها بعد ذلك إلى الاستوديو للتحدث عن توقعاتها بشأن شريك حياتها. ومنذ ذلك الحين، تلقت تانو 70 عرضا للزواج. وأصبحت تانو من المشاهير المحليين، واستقرت الأسرة بالفعل على قائمة من اثنين أو ثلاثة شبان مناسبين للاختيار من بينهم. وتقول تانو: «أصبح المفهوم التقليدي للقاء بين الفتى والفتاة تحت نظر الأسرة شيئا غير شائع. لقد أعطى مقطع الفيديو صورة كاملة عن حياتي، ونقل كثيرا من المعلومات أكثر من إعلان في الصحف». وجرب سيدانت كومار، الذي يبلغ من العمر 30 عاما ويعمل كمحلل نظم في الشركة الدولية في نوديا بضواحي دلهي، الطريقة المألوفة في الوساطة في الزواج وشعر أنها لم تكن مفيدة بالنسبة له. وقال: «لقد جربت الطريقة التقليدية وهي الذهاب إلى المنازل، والالتقاء بالفتاة والجلوس معها. وفي الواقع، لم تكن هذه الطريقة مفيدة بالنسبة لي، لذا قررت البحث عن طرق أخرى». وظهر سيدانت في البرنامج التلفزيوني «زفاف النجوم». وخلال الشهرين التاليين، تزوج سيدانت حيث اختار شريكة حياته شويتا، المسؤولة التنفيذية في إحدى وسائل الإعلام. ويقول أنيل وانفاري، رئيس تحرير موقع «television.com» الهندي، إن ما يجعل هذه البرامج التلفزيونية ملائمة ومفيدة هو مزيج من المشاهير واتصال أكبر بكثير مع أزواج المستقبل.
وفي البرنامج التلفزيوني «العروس المثالي»، تزوج اثنان في بادئ الأمر عبر أحد برامج تلفزيون الواقع في الهند، وهو البرنامج الذي ظهر فيه خمسة عرسان محتملين مع أمهاتهم بجانب عشر عرائس لمدة ثلاثة أشهر، وفي النهاية نشأ الحب بين زوجين وانتهى الأمر بهما إلى الزواج في البرنامج نفسه. وكان جميع المشاركين في البرنامج من الناس العاديين.
بدلا من الغرام من النظرة الأولى على طريقة أفلام بوليوود.. أصبح الهنود مشغولين جدا
نيودلهي: براكريتي غوبتا
على عكس قصص الغرام الساخنة في أفلام بوليوود الخلابة التي يقع فيها البطل والبطلة في الحب من أول نظرة، تزوجت سعدية صدقي، وهي طبيبة بمستشفى دلهي وفي نهاية العقد الثالث من عمرها في يناير (كانون الثاني) الماضي من شخص تعرفت عليه على الشبكة الإلكترونية يدعى ألطف خان، وهو طبيب هندي يعيش في ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة.
وكانت أول مرة يرى الاثنان بعضهما بعضا وجها لوجه في العيد من العام الماضي، بعد أن قضيا عامين تعارفا خلالهما عبر الإنترنت. وفي العيد سافر ألطف إلى دلهي، وعرض على سعدية الزواج، ومع ذلك استغرقت أكثر من شهرين لتوافق على ذلك، وفي النهاية تزوج الاثنان في مطلع العام الحالي. قبل ذلك كان كل شيء بالنسبة لسعدية يسير على ما يرام، فقد كانت تحظى بعمل مهني عظيم وحياة اجتماعية جيدة ومجموعة رائعة من الأصدقاء. ولكن، الشيء الوحيد الذي كان يصيبها بالحزن هو أنها لم تعثر على الرجل الذي تتمناه. وتقول سعدية: «كنت أشعر باليأس وأنني لن أجد الشخص المناسب تماما لي، ودائما ما كان يأتي في طريقي أشخاص سيئون. فدائما كان يحدث شيئا خطأ. فإذا كان لدى الشخص وظيفة جيدة ويتمتع بمظهر جميل، أجده يفتقر إلى شيء ما. وإذا كان هناك شخص رائع ويتحلى بالميزات كافة، أجد أن له أمّا تثير المشكلات. وكانت هناك ضغوط كبيرة اجتماعية ومن جانب الأسرة كي أتزوج، ولكني لم أستسغ فكرة أن أقضي حياتي مع شخص عادي، وفي يوم من الأيام بدأت أدخل على كثير من مواقع التعارف».
وعندما بدأت لأول مرة تستخدم الموقع، لم تفكر في أن ذلك سيعود عليها بالنفع. وتقول: «لم أكن بالفعل أبحث عن أحد، ولكن شيئا حدث. كنت أتصفح الإنترنت، وعثرت على ذلك وبدأت أتحدث إلى الناس لأرى ماذا سيحدث وبعد أشهر قليلة تعرفت على ألطف من خلال أحد المواقع». وكان الاثنان يتواصلان عبر الإنترنت ومن خلال المكالمات التليفونية؛ إذ إن ألطف يعيش في نيوجرسي بينما تعيش سعدية في دلهي. ولا تعد هذه مجرد حالة فريدة، ولكن تروق فكرة البحث عن شريك في السر داخل المنزل من خلال النقر على الماوس لكثير من الهنود. وخلال عام 2009، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت من أجل الزواج 25 مليون شخص، وتفخر المواقع الإلكترونية المتخصصة في التوفيق بين الراغبين في الزواج بإتمام مليون حالة بنجاح حتى الآن. وداخل مجتمع محافظ مثل الهند، توجد خصوصية في الزواج على عكس ما يعتقده الغرب، فالزواج ليس مجرد اتحاد لروحين ولكن اتحاد بين عائلتين أيضا. ولهذا يعد اختيار شريك في الحياة القرار الأصعب في الحياة، ويشارك فيه آباء العروس والعريس، الذي يبحث عن شريكة حياة تعتنق الديانة نفسها ومن المستوى الاجتماعي نفسه. وينتشر الزواج بسبب الحب داخل الهند، ولكن لا تزال 70 في المائة من الزيجات تتم بين طرفين لم تكن بينهما قصة حب. وأصبح العثور على شريك مناسب تماما أمرا صعبا في العالم المتسارع. وفي النهاية لجأ الناس إلى بعض الخاطبين، آملين في أنهم سيساعدونهم على إتمام عملية البحث. وأعطت مواقع الزواج الإلكترونية داخل الهند أملا جديدا للآباء والأولاد، حيث تعمل العائلات والعرائس والعرسان المحتملون على العثور على شركائهم في الحياة عبر مواقع تعارف ومواقع إلكترونية متخصصة في التوفيق بين الراغبين في الزواج. وتقدم هذه المواقع خدماتها عبر الشبكة الإلكترونية، وتستهدف المواطنين الراغبين في الزواج. ويروق هذا الاتجاه الجديد إلى هؤلاء الذين يرغبون في الجمع بين الحب والزواج المرتب له، وأصبح يطلق على ذلك «الزواج المخطط». وفي إطار ذلك، يتقابل الأشخاص بنية الزواج بعد التعرف على بعضهم بعضا ومعرفة الخلفيات الاجتماعية والمالية والتعليمية. وأصبح هذا النوع من التوفيق بين الراغبين في الزواج عبر الإنترنت رائجا داخل الهند وبين الهنود الذين يعيشون في الخارج. وقد أحدثت الإنترنت ثورة في فكرة الزواج داخل الهند من خلال هذه المواقع، وتضاعفت أعداد مواقع الزواج، وزادت بمقدار ثلاثة أضعاف خلال الأعوام الخمسة الماضية. ويساعد البحث الإلكتروني المستخدمين في العثور على من يريدون سريعا، وينشرون الملفات الخاصة بهم مجانا ويبحثون مجانا، ولكنهم يدفعون رسوما مقابل الخطوات التالية بعد ذلك. ويمكن للفرد أن يتواصل مع أطراف عدة سرا، ويعد ذلك شيئا هاما داخل الثقافة المحافظة. ويمثل الدين واللغة الأم والوضع الاجتماعي أهم بنود البحث من أجل الزواج، وتوجد معايير أخرى منها الطول (حيث يجب أن يكون الرجال أطول من زوجاتهم)، والعمر (يجب أن يكون الرجال أكبر سنا) والعمل والمستوى التعليمي، والأهم من ذلك «الشكل». وداخل دولة عدد سكانها يبلغ 1.12 مليار نسمة، تفخر المواقع الإلكترونية بأن عدد الأعضاء يبلغ نحو 25 مليون عضو وأنها أتمت مليون حالة بنجاح. ويمثل الزواج عبر الإنترنت سوقا قيمتها 30 مليون دولار في الهند في الوقت الحالي، ويشهد ذلك نموا متسارعا. ويمثل التوفيق بين الراغبين في الزواج من الأنواع كافة، ومن بينها عبر الإنترنت، 400 مليون دولار. وخلال الأعوام العشرة الأخيرة يبدو أن المواقع أحدثت ثورة في عملية البحث عن شريك الحياة داخل الهند. ومن المواقع البارزة (والترتيب أبجدي) Bharatmatrimony.com وJeevansaathi.com وandShaadi.com. ويوجد إقبال جيد على مواقع الزواج. وبالنسبة للزوار خلال شهر يونيو (حزيران) 2008، قالت شركة «سكور إنك» إن موقع Bharatmatrimony.com يأتي على رأس القائمة حيث زاره مليونا شخص، ويليه Shaadi.com (1.4 مليون زائر) وSimplmarry.com (0.94 مليون). وتهدف معظم مواقع الزواج إلى أن تكون وسيطا إلكترونيا في جميع عمليات التخطيط للزواج. وثمة سؤال مطروح: كيف تعمل مواقع التوفيق بين الراغبين في الزواج على أرض الواقع؟
ويزعم موقع Shaadi.com أنه خلال 11 عاما عثر 0.8 مليون شخص على شريك حياته من خلال الموقع الإلكتروني. ولكن على الأقل 60 في المائة من المقبلين على الزواج في الوقت الحالي يضعون ملفات لهم على المواقع الأربعة البارزة. ولذا، فإن الفضل في إتمام الزيجات يوزع على هذه المواقع، وفي بعض الأحيان على مصادر أخرى، ولا يمكن لأي موقع تحديد نسبة نجاح واضحة. ومن خلال موقع 1RupeeMatrimony.com، يمكن للفرد دفع روبية واحدة في اليوم ليتمكن من البحث عن شريك حياته الذي سيؤدي إلى تغير قيمته «مليون دولار» في حياة الفرد. ويعتقد مؤسس موقع 1RupeeMatrimony.com، والرئيس التنفيذي به، سيد بير أن كل هندي يجب أن توجد أمامه فرصة للعثور على شريكه المناسب تماما من خلال التقنية الحديثة، وأنه يجب أن لا يكون ذلك حكرا على الأثرياء. ويقدم 1RupeeMatrimony.com إمكانية البحث على 15 موقعا متخصصا في كل منطقة بالهند. وتهتم مواقع الزواج بالمجتمعات المختلفة داخل الهند وبالأديان، وتجذب حاليا 8000 مستخدم كل يوم. ويدعم هذا الموقع موقع أم وهو nikah.com، وهو مقدم خدمة الزواج الأكبر للمسلمين. ويقول سانجيف باوا، رئيس شركة «ستريكون للإعلانات» ومقرها نيودلهي، إن استهداف الفئات المتخصصة أصبح ذا جدوى عملية، حيث إنه أدرك أن الشركات الناشئة مثل شركته لا يمكنها التنافس من اللاعبين البارزين. وكانت النتيجة موقع www.bposhaadi.com الذي يستهدف عمال مراكز الاتصالات وwww.govtshaadi.com والذي يستهدف عمال القطاع الحكومي. وظهر موقع آخر يعتمد على معتقد في علم التنجيم الهندي بأن الشخص الذي يولد عندما يكون كوكب المريخ في موضع معين لا يعد مناسبا للزواج، ولكن يمكن تجاوز هذا الأثر السلبي بزواج اثنين ولدا في الظروف نفسها. ويضيف أن «www.manglikshaadi.com» مسجل به الآن أكثر من 14 ألف عضو. ومنذ بداية النشاط قبل خمسة أعوام، قدم باوا مزيدا من المواقع على الإنترنت، بما في ذلك مواقع موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص الذين اجتازوا العقد الرابع من عمرهم، الذين تأخر بهم قطار الزواج لأنهم فضلوا أن يحققوا النجاح في وظائفهم قبل أن يتزوجوا.
وأعاد موقع «BharatMatrimony.com»، وهو بمثابة العلامة التجارية للزواج في الهند، إطلاق نفسه مرة أخرى تحت اسم آخر وهو «PrivilegeMatrimony.com». وفي الوقت الذي جرى تقديم فيه هذه الخدمة في بادئ الأمر على أنها حزمة ملحقة على أحد المواقع على الإنترنت، فإن «القاعدة المتنامية من العملاء واحتياجاتهم المتزايدة شجعتنا على التوسع فيها لتصبح خدمة شاملة تصل إلى جمهور أكبر».
وهذه الخدمة موجهة للمهنيين المنشغلين الذين ليس لديهم الوقت الكافي للبحث عن شريك حياتهم، وموجهة أيضا للأشخاص الذين يفضلون الاستعانة بشخص خبير في هذا المجال ليساعدهم في العثور على أزواج مناسبين. وبالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون هذه الخدمة، فسيجري تعيين مدير علاقات خاص لهم تلقى تدريبا رفيعا في جميع مجالات التوفيق بين الراغبين في الزواج. ويقضي مدير العلاقات بعض الوقت مع العضو ليفهم احتياجاته ويساعده في العثور على الزوج المناسب له. وتتمتع هذه الخدمة بالسرية التامة، ويستطيع الأعضاء أن يقرروا المستويات الخاصة بهم من السرية، بما في ذلك تحديد: هل يرغبون في الاتصال بالزوج المختار مباشرة أم إنهم يفضلون أن يقوم مدير العلاقات بالجولة الأولى من المحادثات؟. والميزة الرئيسية في هذه الخدمة هي أن العضو يستطيع أن يتصل مباشرة مع مدير العلاقات وأن يعمل معه عن كثب حتى يتم الوصول إلى زواج طيب.
ويعد التلفزيون وسيطا جديدا في مجال التوفيق بين الراغبين في الزواج بالنسبة للهنود المنفتحين إلى حد كبير. فالظهور على شاشات التلفزيون لم يعد مقصورا فقط على المشاهير، حيث يظهر الأشخاص العاديون على شاشات التلفزيون ليدعوا العالم يشاهد الطقوس الخاصة بهم في التودد والمغازلة والخطوبة.
استقرت تانو سينغ، التي تبلغ من العمر 26 عاما وولدت في ولاية البنجاب شمالي الهند، مع أسرتها في ولاية شناي جنوبي الهند على مدار الـ22 عاما الماضية. وفقد آباؤها الاتصال مع الأهل في محل ميلادهم، وأصبح الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لهم في أن يعثروا على الشاب المناسب لابنتهم، ومما زاد الأمر سوءا هو أن تانو تبنت موقفا قويا للغاية ضد المهر، الذي أصبح من الضرورات في مجتمعها. ولا يعد وصول تانو إلى درجات عالية في التعليم، حيث إنها حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال وتعمل في بنك دولي وتدرس في إحدى المدارس، ذا فائدة في هذا الشأن على الإطلاق.
ويقول رانفير سينغ، والد تانو الذي ملأ ملف ابنته على موقع «Shaadi.com» قبل عام: «في الوقت الذي فقدنا فيه الاتصال مع الأهالي في المكان الذي ولدنا فيه وعشنا بداية حياتنا، فإن تبني النظام القديم في الوساطة للعثور على الزوج المناسب أصبح صعبا». وظهرت تانو في برنامج تلفزيوني يسمى «زفاف النجوم»، وهو برنامج يتعامل مع موقع «Shaadi.com». وتم إذاعة مقطع صغير عن حياتها، وتم دعوتها بعد ذلك إلى الاستوديو للتحدث عن توقعاتها بشأن شريك حياتها. ومنذ ذلك الحين، تلقت تانو 70 عرضا للزواج. وأصبحت تانو من المشاهير المحليين، واستقرت الأسرة بالفعل على قائمة من اثنين أو ثلاثة شبان مناسبين للاختيار من بينهم. وتقول تانو: «أصبح المفهوم التقليدي للقاء بين الفتى والفتاة تحت نظر الأسرة شيئا غير شائع. لقد أعطى مقطع الفيديو صورة كاملة عن حياتي، ونقل كثيرا من المعلومات أكثر من إعلان في الصحف». وجرب سيدانت كومار، الذي يبلغ من العمر 30 عاما ويعمل كمحلل نظم في الشركة الدولية في نوديا بضواحي دلهي، الطريقة المألوفة في الوساطة في الزواج وشعر أنها لم تكن مفيدة بالنسبة له. وقال: «لقد جربت الطريقة التقليدية وهي الذهاب إلى المنازل، والالتقاء بالفتاة والجلوس معها. وفي الواقع، لم تكن هذه الطريقة مفيدة بالنسبة لي، لذا قررت البحث عن طرق أخرى». وظهر سيدانت في البرنامج التلفزيوني «زفاف النجوم». وخلال الشهرين التاليين، تزوج سيدانت حيث اختار شريكة حياته شويتا، المسؤولة التنفيذية في إحدى وسائل الإعلام. ويقول أنيل وانفاري، رئيس تحرير موقع «television.com» الهندي، إن ما يجعل هذه البرامج التلفزيونية ملائمة ومفيدة هو مزيج من المشاهير واتصال أكبر بكثير مع أزواج المستقبل.
وفي البرنامج التلفزيوني «العروس المثالي»، تزوج اثنان في بادئ الأمر عبر أحد برامج تلفزيون الواقع في الهند، وهو البرنامج الذي ظهر فيه خمسة عرسان محتملين مع أمهاتهم بجانب عشر عرائس لمدة ثلاثة أشهر، وفي النهاية نشأ الحب بين زوجين وانتهى الأمر بهما إلى الزواج في البرنامج نفسه. وكان جميع المشاركين في البرنامج من الناس العاديين.