الجوز ينضج في الصيف ليكون مونة الشتاء
فوائده كثيرة.. واستعمالاته أكثر
دمشق: هشام عدرة
ما زالت شخصية «سليم أو ستنكو كما يدلعه أبناء قريته» المثقف الوحيد في قرية أم الطنافس الفوقا والعاشق الشهير في المسلسل السوري الكوميدي «ضيعة ضايعة» تحظى بشعبية كبيرة، خاصة وهو يلتهم «مكدوس الباذنجان المحشي بالجوز» بشراهة عندما يزور شقيقته ويتناول طعام الفطور أو العشاء لديها. وعشق ستنكو للمكدوس والذي تحرص معظم النساء السورية على إعداده في موسمي الصيف والخريف ليكون مونة الشتاء والربيع في البيت هو يشبه عشق الكثير من السوريين له حيث يشكل وجبة رئيسية بما يحتويه من مواد غذائية لذيذة المذاق، إذ يحشى الباذنجان المسلوق بالجوز والفليفلة الحمراء المطحونة وبالثوم ويوضع بزيت الزيتون ليشكل عنصرا مهما على مائدة الإفطار والعشاء.
وللجوز، تلك الثمار الشهيرة التي أصبحت مثلا يتداوله الشاميون للذة طعمها، مدلول رمزي لمن يحصل على ثروة كبيرة وهو غير مؤهل لأن يكون ثريا أو يكون معتوها أو غير اجتماعي فلا يستثمر الثروة لسعادته حيث يقول المثل «الله بطعمي الجوز للما إلو اسنان»، كما لا يمكن لمن لديه أسنان تناول الجوز. وللجوز استعمالات كثيرة لدى الدمشقيين حيث تشتهر غوطة دمشق بوجود عشرات الآلاف من أشجار الجوز المعمرة والحديثة التي تعطي سنويا أطنانا من ثمار الجوز والذي يباع في أسواق دمشق تحت عنوان الجوز البلدي لتمييزه عن الجوز المستورد الذي يكون أرخص سعرا ويأتي من أوكرانيا ورومانيا وإيران والصين وتركيا، ولكن يبقى للجوز البلدي الذواقة الذين يفضلونه في دمشق لما يتميز به من طعم مائل للحلاوة وقوامه اللين ولونه الأبيض المائل إلى الصفار، في حين أن المستورد يكون لونه أصفر غامق يميل للبني أحيانا.
وثمرة الجوز عادة تكون مغلفة بغطاء دائري من القشر الخشبي السميك نسبيا حيث تشبه في تدورها الكرة الأرضية ولونها بني فاتح يميل للون التراب ويتم فتحها بشكل يدوي من قبل النساء أو من خلال آلة بسيطة لتظهر الثمرة اللبية ذات التعاريج والأخاديد والفصوص المتعددة وهي التي تميز ثمرة الجوز عن غيرها.
وتتميز شجرة الجوز بأنها من الأشجار المعمرة «تعيش من 100 - 300 سنة» وحجمها كبير، فهي أكبر أشجار الفاكهة «يصل ارتفاعها حتى 23 مترا وتظلل مساحة من الأرض تصل حتى 30 مترا مربعا» وذات جذع عملاق وعلو شامخ وتفرعات كثيرة وغزارة في حملها السنوي من الثمار وتحتاج لربيع دافئ حتى تعطي الأزهار وشتاء متوسط درجات الحرارة فيما تدخل أشجار الجوز ببطء في طور الراحة في فصل الصيف وتعطي الشجرة الثمار عادة بعد 5 - 8 سنوات من زراعتها حيث تثمر في نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف وحسب الباحثين، ومنهم الدكتور نزال الديري، فهي شجرة عالمية عريقة في القدم تعود لآلاف السنين ويعيدون أصلها إلى إيران ولذلك يطلق البعض عليها اسم الجوز العجمي pesian walnuts ومنها انتقلت إلى اليونان ثم روما وأطلقوا عليها jovis Glans ومن هنا أتت تسميتها العلمية Juglans ثم انتشرت من بلاد الإمبراطورية الرومانية إلى إنجلترا، وسمي الجوز الإنجليزي English Walnuts ثم إلى أميركا وبقي له هذا الاسم تمييزا عن الجوز الأميركي الأصل الذي وجد عند اكتشاف تلك القارة ويبقى اسمه اللاتيني «Juglans أي جوز جوبيتر».وفي البلدان العربية عرف الجوز منذ مئات السنين وله تسميات محلية فهو يعرف في مصر باسم «الشويكي» أو عين الجمل وفي ليبيا لوز خزانين وفي المغرب قرقاع وفي تونس زوز. وللجوز 15 نوعا ومنه الجوز الأسود الذي ينتشر في الولايات المتحدة الأميركية والجوز الأصفر ويتميز بثماره الكبيرة الحجم والجوز الفرك ذات الشكل الأسطواني والجوز الياباني ذو الثمار الملساء وغيرها من الأنواع.
ولثمار الجوز فوائد غذائية وصحية كثيرة جدا فهي تساعد على تخفيض الكولسترول، إضافة لمذاقها اللذيذ، فهي تضم أحماضا دهنية غير مشبعة بنسبة عالية قياسا بالأحماض الدهنية المشبعة، كما تضم نحو 15% من حجمها بروتين «حيث يمكن الاستفادة منها من النباتيين للاستغناء عن بروتين اللحوم» ومثلها مواد كربوهيدراتية وفيتامينات A وريبوفلافين وفوسفور «تعادل كمية الفوسفور في الجوز الكمية الموجودة في البيض والسمك والكبدة» وكالسيوم وحديد، كما تضم زيتا يستخدم في الطب البديل لطرد الغازات والتخلص من الدودة الوحيدة.
والمتجول في أسواق الخضار الدمشقية في شهري سبتمبر «أيلول» وأكتوبر «تشرين الأول» يلاحظ البائعين يعرضون الجوز بشكله الطري في آنية مملوءة بالماء والسبب - كما يقول أبو حاتم قبلان الذي يبيعه مع المكسرات في سوق الشعلان الدمشقي - أن مزارعي الجوز البلدي في غوطة دمشق يقطفونه مبكرا وبدلا من أن يخزنونه لأسابيع فإنهم يزيلون الغلاف الأخضر فورا عن الثمار ويبيعونه بحيث يكون لبه طريا بينما البعض الآخر يقومون بغسل الثمار وتجفيفها وحفظها مع القشرة الخشبية في مكان بارد لمدة ثلاثة أشهر ومن ثم يبيعونه لتجار الأسواق المتخصصة في الخضار والمكسرات والبعض منهم يخزنه لمدة سنة حيث يبيعه في صيف وخريف العام التالي ويطلقون عليه جوز بلدي عتقي.
وإذا كان الدمشقيون يعتمدون على الجوز بشكل أساسي لحشي المكدوس فإنه يشكل أيضا في المطبخ الحلبي والشامي عنصرا أساسيا في حشي الكبة المشوية والمقلية إلى جانب الصنوبر كما توضع الثمار بعد تقطيعها قطعا صغيرة على الرز المطبوخ وعلى مناسف الفريكة وعلى وجه القمحية وهي من الأكلات الدمشقية الشعبية ويوضع مع السلطات كما تحشى به أنواع من البسكويت والكاتو والآيس كريم والحلويات وخاصة المعمول بالجوز الذي لا تخلو منه مائدة ضيافة دمشقية في الأعياد. ويؤكل عادة الجوز كحال المكسرات الثمينة مثل اللوز والفستق الحلبي للتسلية والبعض من ذواقي الجوز يعملون على تحميصه مثل المكسرات الأخرى ويتميز الجوز المحمص بطعمه اللذيذ ولكن يفقد بهذه الحالة بعض العناصر الغذائية مما يقلل من فوائده الصحية ويعمل كثير من الأسر الدمشقية على تخزينه في مطابخهم بقشرته السميكة ليستخدموه وقت الحاجة في المأكولات والحلويات التي يحضرونها في منازلهم.
فوائده كثيرة.. واستعمالاته أكثر
دمشق: هشام عدرة
ما زالت شخصية «سليم أو ستنكو كما يدلعه أبناء قريته» المثقف الوحيد في قرية أم الطنافس الفوقا والعاشق الشهير في المسلسل السوري الكوميدي «ضيعة ضايعة» تحظى بشعبية كبيرة، خاصة وهو يلتهم «مكدوس الباذنجان المحشي بالجوز» بشراهة عندما يزور شقيقته ويتناول طعام الفطور أو العشاء لديها. وعشق ستنكو للمكدوس والذي تحرص معظم النساء السورية على إعداده في موسمي الصيف والخريف ليكون مونة الشتاء والربيع في البيت هو يشبه عشق الكثير من السوريين له حيث يشكل وجبة رئيسية بما يحتويه من مواد غذائية لذيذة المذاق، إذ يحشى الباذنجان المسلوق بالجوز والفليفلة الحمراء المطحونة وبالثوم ويوضع بزيت الزيتون ليشكل عنصرا مهما على مائدة الإفطار والعشاء.
وللجوز، تلك الثمار الشهيرة التي أصبحت مثلا يتداوله الشاميون للذة طعمها، مدلول رمزي لمن يحصل على ثروة كبيرة وهو غير مؤهل لأن يكون ثريا أو يكون معتوها أو غير اجتماعي فلا يستثمر الثروة لسعادته حيث يقول المثل «الله بطعمي الجوز للما إلو اسنان»، كما لا يمكن لمن لديه أسنان تناول الجوز. وللجوز استعمالات كثيرة لدى الدمشقيين حيث تشتهر غوطة دمشق بوجود عشرات الآلاف من أشجار الجوز المعمرة والحديثة التي تعطي سنويا أطنانا من ثمار الجوز والذي يباع في أسواق دمشق تحت عنوان الجوز البلدي لتمييزه عن الجوز المستورد الذي يكون أرخص سعرا ويأتي من أوكرانيا ورومانيا وإيران والصين وتركيا، ولكن يبقى للجوز البلدي الذواقة الذين يفضلونه في دمشق لما يتميز به من طعم مائل للحلاوة وقوامه اللين ولونه الأبيض المائل إلى الصفار، في حين أن المستورد يكون لونه أصفر غامق يميل للبني أحيانا.
وثمرة الجوز عادة تكون مغلفة بغطاء دائري من القشر الخشبي السميك نسبيا حيث تشبه في تدورها الكرة الأرضية ولونها بني فاتح يميل للون التراب ويتم فتحها بشكل يدوي من قبل النساء أو من خلال آلة بسيطة لتظهر الثمرة اللبية ذات التعاريج والأخاديد والفصوص المتعددة وهي التي تميز ثمرة الجوز عن غيرها.
وتتميز شجرة الجوز بأنها من الأشجار المعمرة «تعيش من 100 - 300 سنة» وحجمها كبير، فهي أكبر أشجار الفاكهة «يصل ارتفاعها حتى 23 مترا وتظلل مساحة من الأرض تصل حتى 30 مترا مربعا» وذات جذع عملاق وعلو شامخ وتفرعات كثيرة وغزارة في حملها السنوي من الثمار وتحتاج لربيع دافئ حتى تعطي الأزهار وشتاء متوسط درجات الحرارة فيما تدخل أشجار الجوز ببطء في طور الراحة في فصل الصيف وتعطي الشجرة الثمار عادة بعد 5 - 8 سنوات من زراعتها حيث تثمر في نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف وحسب الباحثين، ومنهم الدكتور نزال الديري، فهي شجرة عالمية عريقة في القدم تعود لآلاف السنين ويعيدون أصلها إلى إيران ولذلك يطلق البعض عليها اسم الجوز العجمي pesian walnuts ومنها انتقلت إلى اليونان ثم روما وأطلقوا عليها jovis Glans ومن هنا أتت تسميتها العلمية Juglans ثم انتشرت من بلاد الإمبراطورية الرومانية إلى إنجلترا، وسمي الجوز الإنجليزي English Walnuts ثم إلى أميركا وبقي له هذا الاسم تمييزا عن الجوز الأميركي الأصل الذي وجد عند اكتشاف تلك القارة ويبقى اسمه اللاتيني «Juglans أي جوز جوبيتر».وفي البلدان العربية عرف الجوز منذ مئات السنين وله تسميات محلية فهو يعرف في مصر باسم «الشويكي» أو عين الجمل وفي ليبيا لوز خزانين وفي المغرب قرقاع وفي تونس زوز. وللجوز 15 نوعا ومنه الجوز الأسود الذي ينتشر في الولايات المتحدة الأميركية والجوز الأصفر ويتميز بثماره الكبيرة الحجم والجوز الفرك ذات الشكل الأسطواني والجوز الياباني ذو الثمار الملساء وغيرها من الأنواع.
ولثمار الجوز فوائد غذائية وصحية كثيرة جدا فهي تساعد على تخفيض الكولسترول، إضافة لمذاقها اللذيذ، فهي تضم أحماضا دهنية غير مشبعة بنسبة عالية قياسا بالأحماض الدهنية المشبعة، كما تضم نحو 15% من حجمها بروتين «حيث يمكن الاستفادة منها من النباتيين للاستغناء عن بروتين اللحوم» ومثلها مواد كربوهيدراتية وفيتامينات A وريبوفلافين وفوسفور «تعادل كمية الفوسفور في الجوز الكمية الموجودة في البيض والسمك والكبدة» وكالسيوم وحديد، كما تضم زيتا يستخدم في الطب البديل لطرد الغازات والتخلص من الدودة الوحيدة.
والمتجول في أسواق الخضار الدمشقية في شهري سبتمبر «أيلول» وأكتوبر «تشرين الأول» يلاحظ البائعين يعرضون الجوز بشكله الطري في آنية مملوءة بالماء والسبب - كما يقول أبو حاتم قبلان الذي يبيعه مع المكسرات في سوق الشعلان الدمشقي - أن مزارعي الجوز البلدي في غوطة دمشق يقطفونه مبكرا وبدلا من أن يخزنونه لأسابيع فإنهم يزيلون الغلاف الأخضر فورا عن الثمار ويبيعونه بحيث يكون لبه طريا بينما البعض الآخر يقومون بغسل الثمار وتجفيفها وحفظها مع القشرة الخشبية في مكان بارد لمدة ثلاثة أشهر ومن ثم يبيعونه لتجار الأسواق المتخصصة في الخضار والمكسرات والبعض منهم يخزنه لمدة سنة حيث يبيعه في صيف وخريف العام التالي ويطلقون عليه جوز بلدي عتقي.
وإذا كان الدمشقيون يعتمدون على الجوز بشكل أساسي لحشي المكدوس فإنه يشكل أيضا في المطبخ الحلبي والشامي عنصرا أساسيا في حشي الكبة المشوية والمقلية إلى جانب الصنوبر كما توضع الثمار بعد تقطيعها قطعا صغيرة على الرز المطبوخ وعلى مناسف الفريكة وعلى وجه القمحية وهي من الأكلات الدمشقية الشعبية ويوضع مع السلطات كما تحشى به أنواع من البسكويت والكاتو والآيس كريم والحلويات وخاصة المعمول بالجوز الذي لا تخلو منه مائدة ضيافة دمشقية في الأعياد. ويؤكل عادة الجوز كحال المكسرات الثمينة مثل اللوز والفستق الحلبي للتسلية والبعض من ذواقي الجوز يعملون على تحميصه مثل المكسرات الأخرى ويتميز الجوز المحمص بطعمه اللذيذ ولكن يفقد بهذه الحالة بعض العناصر الغذائية مما يقلل من فوائده الصحية ويعمل كثير من الأسر الدمشقية على تخزينه في مطابخهم بقشرته السميكة ليستخدموه وقت الحاجة في المأكولات والحلويات التي يحضرونها في منازلهم.