الامام مسلم
اسمه ونسبه
هو الإمام الحافظ المجوِّد الحُجَّة الصادق، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري. وقُشَير قبيلة من العرب معروفة، ونيسابور مدينة مشهورة بخراسان من أحسن مدنها، وأجمعها للعلم والخير. وُلِد بنيسابور سنةَ 206هـ/ 821م.
الطفولة والنشأة
نشأ الإمام مسلم في بيت تقوى وصلاح وعلم، فقد كان والده حجاج بن مسلم القشيري أحد محبي العلم، وأحد من يعشقون حلقات العلماء، فتربى الإمام وترعرع في هذا الجوِّ الإيماني الرائع. وقد بدأ الإمام مسلم (رحمه الله) رحلته في طلب العلم مبكرًا، فلم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره حين بدأ في سماع الحديث؛ قال الذهبي: "وأول سماعه في سنة ثماني عشرة من يحيى بن يحيى التميمي، وحج في سنة عشرين وهو أمرد".
شيوخه
للإمام مسلم (رحمه الله) شيوخ كثيرون، بلغ عددهم مائتين وعشرين رجلاً، وقد سمع بمكة من عبد الله بن مسلمة القعنبي، فهو أكبر شيخ له، وسمع بالكوفة والعراق والحرمين ومصر. ومن أبرز هؤلاء الأئمة: يحيى بن يحيى النيسابوري، وقتيبة بن سعيد، وسعيد بن منصور، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو كريب محمد بن العلاء، وأبو موسى محمد بن المثنى، وهناد بن السري، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وعبد الله الدَّارِمِي، وإسحاق الكوسج، وخلق سواهم.
تلاميذه
علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، وهو أكبر منه، ومحمد بن عبد الوهاب الفرَّاء شيخه، ولكن ما أخرج عنه في (صحيحه)، والحسين بن محمد القباني، وأبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وصالح بن محمد جزرة، وأبو عيسى الترمذي في (جامعه)، وأحمد بن المبارك المُسْتَمْلِي، وعبد الله بن يحيى السرخسي القاضي، ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ، وغيرهم كثير.
مؤلفاته
للإمام مسلم (رحمه الله) مؤلفات كثيرة، منها ما وُجد، ومنها ما فُقد؛ ومن هذه المؤلفات:
- كتابه الصحيح، وهو أشهر كتبه.
- كتاب التمييز.
- كتاب العلل.
- كتاب الوُحْدَان.
- كتاب الأفراد.
- كتاب الأَقْران.
- كتاب سؤالاته أحمد بن حنبل.
- كتاب عمرو بن شعيب.
- كتاب الانتفاع بأُهُبِ السِّباع.
- كتاب مشايخ مالك.
- كتاب مشايخ الثوري.
- كتاب مشايخ شعبة.
- كتاب من ليس له إلا راوٍ واحد.
- كتاب المخضرمين.
- كتاب أولاد الصحابة.
- كتاب أوهام المحدثين.
- كتاب الطبقات.
- كتاب أفراد الشاميين.
منهجه في الحديث
كتب مالك (رحمه الله) كتاب الموطأ، أودعه أصول الأحكام من الصحيح المتفق عليه، ورتبه على أبواب الفقه، ثم عُني الحفاظ بمعرفة طرق الأحاديث وأسانيده المختلفة، وربما يقع إسناد الحديث من طرق متعددة عن رواة مختلفين، وقد يقع الحديث أيضًا في أبواب متعددة باختلاف المعاني التي اشتمل عليها.
وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره، فخرَّج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين، واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه، وكرَّر الأحاديث يسوقها في كل باب بمعنى ذلك الباب الذي تضمنه الحديث، فتكررت لذلك أحاديثه حتى يقال: إنه اشتمل على تسعة آلاف حديث ومائتين، منها ثلاثة آلاف متكررة، وفرَّق الطرق والأسانيد عليها مختلفة في كل باب.
ثم جاء الإمام مسلم بن الحجاج القشيري (رحمه الله)، فألَّف مسنده الصحيح، حذا فيه حذو البخاري في نقل المجمع عليه، وحذف المتكرر منها، وجمع الطرق والأسانيد، وبوَّبه على أبواب الفقه وتراجمه، ومع ذلك فلم يستوعب الصحيح كله، وقد استدرك الناس عليه وعلى البخاري في ذلك. قال الحسين بن محمد الماسرجسي: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: "صنَّفت هذا - المسند الصحيح - من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة".
وقد استغرقت مدة تأليفه لهذا الكتاب خمسة عشر عامًا، قال أحمد بن سلمة: "كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة". وقد ألَّفه في بلده، كما ذكر ابن حجر في مقدمة فتح الباري حيث قال: "إن مسلمًا صنف كتابه في بلده، بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى في السياق".
ثناء العلماء عليه
قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: "حُفَّاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدَّارِمِي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى". ونقل أبو عبد الله الحاكم أن محمد بن عبد الوهاب الفراء قال: "كان مسلم بن الحجاج من علماء الناس، ومن أوعية العلم". وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: "ما تحت أديم السماء أصحُّ من كتاب مسلم في علم الحديث".
وقال عنه صاحب أبجد العلوم (صديق بن حسن القنوجي): "والإمام مسلم بن الحجاج القشيري البغدادي أحد الأئمة الحفاظ، وأعلم المحدثين، إمام خراسان في الحديث بعد البخاري". وقال أحمد بن سلمة: "رأيتُ أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان (مسلمًا) في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما".
من كلماته الخالدة
- قوله للإمام البخاري: "دعني أُقبِّلْ رجليك يا أستاذ الأُسْتَاذِينَ، وسيِّد المحدثين، وطبيب الحديث في علله".
وفاته
عاش الإمام مسلم 55 سنة، وتُوفِّي ودفن في مدينة نيسابور سنةَ 261هـ/ 875م. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.
المراجع
- الذهبي: سير أعلام النبلاء.
- ابن حجر: تهذيب التهذيب.
- القنوجي: أبجد العلوم.
- عبد الرحمن السديس: التعريف بالإمام مسلم وكتابه الصحيح
موقع قصة الاسلام
الإمام مسلم
للدكتور عصام بن هاشم الجفري
معاشر المؤمنين نعيش وإياكم اليوم مع علم من أعلام السنة النبوية مع شيخ تام القامة أبيض الرأس واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه(سير أعلام النبلاء:12/570)؛ زاده العلم والتقوى والورع مهابةً ووقاراً.أعرفتم من هو..؟.إنه الثقة الحافظ أمير المؤمنين في الحديث،أنه صاحب أصح كتاب في السنة النبوية بعد صحيح الإمام البخاري،إنه أبو الحسين الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري،والقُشيري نسبة إلى قُشير قبيلة من العرب معروفة سميت باسم جدها قُشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة(لمزيد النسب انظر:مستفاد الرحلة والاغتراب:55-56/التمييز والفصل:1/335).
قال عنه الإمام النووي رحمه الله "القشيري نسباً،النيسابوري وطناً ،عربي صليبة،وهو أحد الأعلام في هذا الشأن-يعني في علم الحديث-"(شرح النووي على صحيح مسلم،1/10). ولد هذا العلم في السنة الواحدة والستين بعد المائتين للهجرة النبوية على أرجح أقوال أهل العلم،نشأ الإمام مسلم في بيت علمٍ وجاهٍ؛ فقد كان أبوه من الصالحين وكان متصدراً لتربية الناس وتعليمهم،فانظروا أحبتي إلى أهمية صلاح الأب وكونه قدوة في صلاح الأبناء وحفظهم من بعده ويكفينا في ذلك قول الحق جل في علاه:{..وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا..}(الكهف:80).
تعاهده أبوه بحسن التربية ودفعه لحلق العلم؛ فكان ثمرة جهده ذلك العالم الجهبذ؛فأين من يهملون تربية أبنائهم وتوجيههم نحو الخير ثم يرجون ثمرة حلوة من هذا المثال العملي..؟.بدأ الإمام مسلم طلب العلم وسماع الحديث وهو في الثانية عشرة من عمره،وقد تأثر بأبرز مشايخه الإمام البخاري رحمه الله؛فَشُغِفَ بحب العلم وكان حريصاً على تمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها،ومعرفة علل الحديث والاطلاع على أحوال الرواة ومعرفة عدالتهم وضبطهم وأمانتهم وصدقهم ومعيشتهم ومسكنهم ومولدهم ووفياتهم ولقائهم فيما بينهم،ومقارنة الأسانيد بعضها ببعض ومعرفة اتصالها وانقطاعها وغير ذلك من فنون العلم،كل ذلك بدأ به في سن الثانية عشرة من عمره فأين شباب أمة الإسلام العظيمة اليوم..؟.
أين من هم في سن الثانية عشرة..؟.بل أين من هم في سن السادسة عشر..؟.بل أين من هم في سن العشرين..؟.ما اهتماماتهم..؟.يا شباب الإسلام أولئك أسلافكم فمن أنتم..؟.أعرفتم أحبتي لما عزت الأمة يوم أن كان رجالها مثل الإمام مسلم..؟.ولما أصاب الأمة اليوم ما أصابها..؟
كان الإمام مسلم ذا همة عالية فلم يكتف بطلب العلم في مدينته بل رحل كعادة العلماء في تلك الأزمان في طلب العلم؛فرحل لمصر والشام والحجاز وعدة مدن من العراق،وكان رحمه الله قد يرحل للبلد أكثر من مرة ليلتقي بها علماء الحديث،فأين أبناء أمة الإسلام اليوم الذين يكتفون بالكتاب المقرر ولا يرحلون لطلب العلم حتى إلى المكتبات التي في مدينتهم وأحياناً حتى التي في بيوتهم من سيرة الإمام مسلم..؟.فيا أمة الإسلام نحن أمة علم وتعلم فأول أية أنزلت من كتابنا على نبينا صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }(العلق:1).
تلك الهمة العالية وذلك الجد في طلب العلم جعله أحد حفاظ الدنيا يقول عنه شيخه محمد بن بشار:"حفاظ الدنيا أربعة: أبو زُرعة الرازي في الري،ومسلم بنيسابور،وعبدالله الدارمي بسمرقند،ومحمد بن إسماعيل البخاري"(تاريخ بغداد:2/16 ضمن ترجمة البخاري). ومع ذلك كله لم يكن الإمام مسلم عالة على أحد بل كان يشتغل بتجارة القماش التي درت عليه أرباحاً طائلة؛حتى كانت له أملاك وضياع يعيش منها(شذرات الذهب:1/145).فما أجمل أن يجمع المرء بين العلم والثروة والزهد؛هكذا هو إسلامنا علم غزير في عزة وشموخ؛ فالإمام مسلم فهم وطبق عملياً ما أخرجه في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ( الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى..))(مسلم،الزكاة،ح(1751)).
تخلق الإمام مسلم رحمه الله بكثير من الخُلق الحسن فكان كثير الإحسان للناس،يتسم بالورع والعبادة والعلم الواسع والاحتياط لدينه؛لذلك عَظُمَ في أعين الناس وعلت منزلته وسمت مكانته وكان إلى جانب ذلك شجاعاً صدوقاً وفياً يقف إلى جانب الحق وأهله لا ترهبه قوة ومكانة الشخص المقابل؛ ومن شواهد ذلك أنه سمع شيخاً له يُعَرِّضُ بالإمام البخاري فأخذ الإمام مسلم الرداء فوق عمامته،وقام على رؤوس الناس،وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه،وبعث بها على ظهر حمال إلى باب الشيخ(تاريخ بغداد:13/101).
الله أكبر هاهو إمام من أمة الجرح والتعديل لا يرضى بالتعريض بشيخ فكيف حاله مع الغيبة.؟.فأين بعض من ينتسبون لطلبة العلم اليوم يَدَّعُون تطبيق منهج الجرح والتعديل على العلماء فيأخذون في غيبتهم،ويأكلون لحومهم،ويتلذذون عياذاً بالله بذلك وكأن أحدهم يأكل قطعة من الحلوى.!؛بل أكثر يسجلون ذلك في الأشرطة والكتب وينشرون قبائح أفعالهم بين الناس، فنقول لهذه الطائفة هلا تخلقتم بأخلاق أئمة الجرح والتعديل أمثال الإمام البخاري ومسلم الذين لم يثبت عنهم غيبة أحد من العلماء..؟
ظل هذا الإمام يطلب العلم حتى أخر لحظة من حياته ذكر ابن الصلاح بسنده عن أحمد بن سلمه قوله:"عُقِد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة فَذُكِرَ له حديث لم يعرفه،فانصرف إلى منزله،وأوقد السراج،وقال لمن في الدار:لا يدخلن أحد منكم هذا البيت،فقيل له:أهديت لنا سلة فيها تمر،فقال:قدموها إليََّ،فقدموها،فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة، يمضغها، فأصبح وقد فني التمر،ووجد الحديث،لكنه مرض منها ومات"(صيانة صحيح مسلم:65-66).فتوفي رحمه الله سنة واحد وستين ومائتين للهجرة وعمره خمسة وخمسون عاماً وخلف خمسة عشر كتاباً مطبوعاً من أبرزها كتابه الصحيح،وثلاثة وعشرين كتاباً مفقوداً فرحم الله الإمام مسلم وجمعنا به في دار كرامته في جنة الخلد:{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّ}(مريم:61).
اسمه ونسبه
هو الإمام الحافظ المجوِّد الحُجَّة الصادق، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري. وقُشَير قبيلة من العرب معروفة، ونيسابور مدينة مشهورة بخراسان من أحسن مدنها، وأجمعها للعلم والخير. وُلِد بنيسابور سنةَ 206هـ/ 821م.
الطفولة والنشأة
نشأ الإمام مسلم في بيت تقوى وصلاح وعلم، فقد كان والده حجاج بن مسلم القشيري أحد محبي العلم، وأحد من يعشقون حلقات العلماء، فتربى الإمام وترعرع في هذا الجوِّ الإيماني الرائع. وقد بدأ الإمام مسلم (رحمه الله) رحلته في طلب العلم مبكرًا، فلم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره حين بدأ في سماع الحديث؛ قال الذهبي: "وأول سماعه في سنة ثماني عشرة من يحيى بن يحيى التميمي، وحج في سنة عشرين وهو أمرد".
شيوخه
للإمام مسلم (رحمه الله) شيوخ كثيرون، بلغ عددهم مائتين وعشرين رجلاً، وقد سمع بمكة من عبد الله بن مسلمة القعنبي، فهو أكبر شيخ له، وسمع بالكوفة والعراق والحرمين ومصر. ومن أبرز هؤلاء الأئمة: يحيى بن يحيى النيسابوري، وقتيبة بن سعيد، وسعيد بن منصور، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو كريب محمد بن العلاء، وأبو موسى محمد بن المثنى، وهناد بن السري، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وعبد الله الدَّارِمِي، وإسحاق الكوسج، وخلق سواهم.
تلاميذه
علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، وهو أكبر منه، ومحمد بن عبد الوهاب الفرَّاء شيخه، ولكن ما أخرج عنه في (صحيحه)، والحسين بن محمد القباني، وأبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وصالح بن محمد جزرة، وأبو عيسى الترمذي في (جامعه)، وأحمد بن المبارك المُسْتَمْلِي، وعبد الله بن يحيى السرخسي القاضي، ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ، وغيرهم كثير.
مؤلفاته
للإمام مسلم (رحمه الله) مؤلفات كثيرة، منها ما وُجد، ومنها ما فُقد؛ ومن هذه المؤلفات:
- كتابه الصحيح، وهو أشهر كتبه.
- كتاب التمييز.
- كتاب العلل.
- كتاب الوُحْدَان.
- كتاب الأفراد.
- كتاب الأَقْران.
- كتاب سؤالاته أحمد بن حنبل.
- كتاب عمرو بن شعيب.
- كتاب الانتفاع بأُهُبِ السِّباع.
- كتاب مشايخ مالك.
- كتاب مشايخ الثوري.
- كتاب مشايخ شعبة.
- كتاب من ليس له إلا راوٍ واحد.
- كتاب المخضرمين.
- كتاب أولاد الصحابة.
- كتاب أوهام المحدثين.
- كتاب الطبقات.
- كتاب أفراد الشاميين.
منهجه في الحديث
كتب مالك (رحمه الله) كتاب الموطأ، أودعه أصول الأحكام من الصحيح المتفق عليه، ورتبه على أبواب الفقه، ثم عُني الحفاظ بمعرفة طرق الأحاديث وأسانيده المختلفة، وربما يقع إسناد الحديث من طرق متعددة عن رواة مختلفين، وقد يقع الحديث أيضًا في أبواب متعددة باختلاف المعاني التي اشتمل عليها.
وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره، فخرَّج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين، واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه، وكرَّر الأحاديث يسوقها في كل باب بمعنى ذلك الباب الذي تضمنه الحديث، فتكررت لذلك أحاديثه حتى يقال: إنه اشتمل على تسعة آلاف حديث ومائتين، منها ثلاثة آلاف متكررة، وفرَّق الطرق والأسانيد عليها مختلفة في كل باب.
ثم جاء الإمام مسلم بن الحجاج القشيري (رحمه الله)، فألَّف مسنده الصحيح، حذا فيه حذو البخاري في نقل المجمع عليه، وحذف المتكرر منها، وجمع الطرق والأسانيد، وبوَّبه على أبواب الفقه وتراجمه، ومع ذلك فلم يستوعب الصحيح كله، وقد استدرك الناس عليه وعلى البخاري في ذلك. قال الحسين بن محمد الماسرجسي: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: "صنَّفت هذا - المسند الصحيح - من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة".
وقد استغرقت مدة تأليفه لهذا الكتاب خمسة عشر عامًا، قال أحمد بن سلمة: "كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة". وقد ألَّفه في بلده، كما ذكر ابن حجر في مقدمة فتح الباري حيث قال: "إن مسلمًا صنف كتابه في بلده، بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى في السياق".
ثناء العلماء عليه
قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: "حُفَّاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدَّارِمِي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى". ونقل أبو عبد الله الحاكم أن محمد بن عبد الوهاب الفراء قال: "كان مسلم بن الحجاج من علماء الناس، ومن أوعية العلم". وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: "ما تحت أديم السماء أصحُّ من كتاب مسلم في علم الحديث".
وقال عنه صاحب أبجد العلوم (صديق بن حسن القنوجي): "والإمام مسلم بن الحجاج القشيري البغدادي أحد الأئمة الحفاظ، وأعلم المحدثين، إمام خراسان في الحديث بعد البخاري". وقال أحمد بن سلمة: "رأيتُ أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان (مسلمًا) في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما".
من كلماته الخالدة
- قوله للإمام البخاري: "دعني أُقبِّلْ رجليك يا أستاذ الأُسْتَاذِينَ، وسيِّد المحدثين، وطبيب الحديث في علله".
وفاته
عاش الإمام مسلم 55 سنة، وتُوفِّي ودفن في مدينة نيسابور سنةَ 261هـ/ 875م. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.
المراجع
- الذهبي: سير أعلام النبلاء.
- ابن حجر: تهذيب التهذيب.
- القنوجي: أبجد العلوم.
- عبد الرحمن السديس: التعريف بالإمام مسلم وكتابه الصحيح
موقع قصة الاسلام
الإمام مسلم
للدكتور عصام بن هاشم الجفري
معاشر المؤمنين نعيش وإياكم اليوم مع علم من أعلام السنة النبوية مع شيخ تام القامة أبيض الرأس واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه(سير أعلام النبلاء:12/570)؛ زاده العلم والتقوى والورع مهابةً ووقاراً.أعرفتم من هو..؟.إنه الثقة الحافظ أمير المؤمنين في الحديث،أنه صاحب أصح كتاب في السنة النبوية بعد صحيح الإمام البخاري،إنه أبو الحسين الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري،والقُشيري نسبة إلى قُشير قبيلة من العرب معروفة سميت باسم جدها قُشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة(لمزيد النسب انظر:مستفاد الرحلة والاغتراب:55-56/التمييز والفصل:1/335).
قال عنه الإمام النووي رحمه الله "القشيري نسباً،النيسابوري وطناً ،عربي صليبة،وهو أحد الأعلام في هذا الشأن-يعني في علم الحديث-"(شرح النووي على صحيح مسلم،1/10). ولد هذا العلم في السنة الواحدة والستين بعد المائتين للهجرة النبوية على أرجح أقوال أهل العلم،نشأ الإمام مسلم في بيت علمٍ وجاهٍ؛ فقد كان أبوه من الصالحين وكان متصدراً لتربية الناس وتعليمهم،فانظروا أحبتي إلى أهمية صلاح الأب وكونه قدوة في صلاح الأبناء وحفظهم من بعده ويكفينا في ذلك قول الحق جل في علاه:{..وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا..}(الكهف:80).
تعاهده أبوه بحسن التربية ودفعه لحلق العلم؛ فكان ثمرة جهده ذلك العالم الجهبذ؛فأين من يهملون تربية أبنائهم وتوجيههم نحو الخير ثم يرجون ثمرة حلوة من هذا المثال العملي..؟.بدأ الإمام مسلم طلب العلم وسماع الحديث وهو في الثانية عشرة من عمره،وقد تأثر بأبرز مشايخه الإمام البخاري رحمه الله؛فَشُغِفَ بحب العلم وكان حريصاً على تمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها،ومعرفة علل الحديث والاطلاع على أحوال الرواة ومعرفة عدالتهم وضبطهم وأمانتهم وصدقهم ومعيشتهم ومسكنهم ومولدهم ووفياتهم ولقائهم فيما بينهم،ومقارنة الأسانيد بعضها ببعض ومعرفة اتصالها وانقطاعها وغير ذلك من فنون العلم،كل ذلك بدأ به في سن الثانية عشرة من عمره فأين شباب أمة الإسلام العظيمة اليوم..؟.
أين من هم في سن الثانية عشرة..؟.بل أين من هم في سن السادسة عشر..؟.بل أين من هم في سن العشرين..؟.ما اهتماماتهم..؟.يا شباب الإسلام أولئك أسلافكم فمن أنتم..؟.أعرفتم أحبتي لما عزت الأمة يوم أن كان رجالها مثل الإمام مسلم..؟.ولما أصاب الأمة اليوم ما أصابها..؟
كان الإمام مسلم ذا همة عالية فلم يكتف بطلب العلم في مدينته بل رحل كعادة العلماء في تلك الأزمان في طلب العلم؛فرحل لمصر والشام والحجاز وعدة مدن من العراق،وكان رحمه الله قد يرحل للبلد أكثر من مرة ليلتقي بها علماء الحديث،فأين أبناء أمة الإسلام اليوم الذين يكتفون بالكتاب المقرر ولا يرحلون لطلب العلم حتى إلى المكتبات التي في مدينتهم وأحياناً حتى التي في بيوتهم من سيرة الإمام مسلم..؟.فيا أمة الإسلام نحن أمة علم وتعلم فأول أية أنزلت من كتابنا على نبينا صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }(العلق:1).
تلك الهمة العالية وذلك الجد في طلب العلم جعله أحد حفاظ الدنيا يقول عنه شيخه محمد بن بشار:"حفاظ الدنيا أربعة: أبو زُرعة الرازي في الري،ومسلم بنيسابور،وعبدالله الدارمي بسمرقند،ومحمد بن إسماعيل البخاري"(تاريخ بغداد:2/16 ضمن ترجمة البخاري). ومع ذلك كله لم يكن الإمام مسلم عالة على أحد بل كان يشتغل بتجارة القماش التي درت عليه أرباحاً طائلة؛حتى كانت له أملاك وضياع يعيش منها(شذرات الذهب:1/145).فما أجمل أن يجمع المرء بين العلم والثروة والزهد؛هكذا هو إسلامنا علم غزير في عزة وشموخ؛ فالإمام مسلم فهم وطبق عملياً ما أخرجه في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ( الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى..))(مسلم،الزكاة،ح(1751)).
تخلق الإمام مسلم رحمه الله بكثير من الخُلق الحسن فكان كثير الإحسان للناس،يتسم بالورع والعبادة والعلم الواسع والاحتياط لدينه؛لذلك عَظُمَ في أعين الناس وعلت منزلته وسمت مكانته وكان إلى جانب ذلك شجاعاً صدوقاً وفياً يقف إلى جانب الحق وأهله لا ترهبه قوة ومكانة الشخص المقابل؛ ومن شواهد ذلك أنه سمع شيخاً له يُعَرِّضُ بالإمام البخاري فأخذ الإمام مسلم الرداء فوق عمامته،وقام على رؤوس الناس،وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه،وبعث بها على ظهر حمال إلى باب الشيخ(تاريخ بغداد:13/101).
الله أكبر هاهو إمام من أمة الجرح والتعديل لا يرضى بالتعريض بشيخ فكيف حاله مع الغيبة.؟.فأين بعض من ينتسبون لطلبة العلم اليوم يَدَّعُون تطبيق منهج الجرح والتعديل على العلماء فيأخذون في غيبتهم،ويأكلون لحومهم،ويتلذذون عياذاً بالله بذلك وكأن أحدهم يأكل قطعة من الحلوى.!؛بل أكثر يسجلون ذلك في الأشرطة والكتب وينشرون قبائح أفعالهم بين الناس، فنقول لهذه الطائفة هلا تخلقتم بأخلاق أئمة الجرح والتعديل أمثال الإمام البخاري ومسلم الذين لم يثبت عنهم غيبة أحد من العلماء..؟
ظل هذا الإمام يطلب العلم حتى أخر لحظة من حياته ذكر ابن الصلاح بسنده عن أحمد بن سلمه قوله:"عُقِد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة فَذُكِرَ له حديث لم يعرفه،فانصرف إلى منزله،وأوقد السراج،وقال لمن في الدار:لا يدخلن أحد منكم هذا البيت،فقيل له:أهديت لنا سلة فيها تمر،فقال:قدموها إليََّ،فقدموها،فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة، يمضغها، فأصبح وقد فني التمر،ووجد الحديث،لكنه مرض منها ومات"(صيانة صحيح مسلم:65-66).فتوفي رحمه الله سنة واحد وستين ومائتين للهجرة وعمره خمسة وخمسون عاماً وخلف خمسة عشر كتاباً مطبوعاً من أبرزها كتابه الصحيح،وثلاثة وعشرين كتاباً مفقوداً فرحم الله الإمام مسلم وجمعنا به في دار كرامته في جنة الخلد:{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّ}(مريم:61).