زمردة النيل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
زمردة النيل

منتدانا يهتم بالتاريخ والفن والثقافه وكل ما هو جديد من العلوم


    فشل رجال الآثار في العثور على بقايا الملك سليمان في إسرائيل

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 297
    تاريخ التسجيل : 18/10/2010

    فشل رجال الآثار في العثور على بقايا الملك سليمان في إسرائيل Empty فشل رجال الآثار في العثور على بقايا الملك سليمان في إسرائيل

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 3:45 pm

    فشل رجال الآثار في العثور على بقايا الملك سليمان في إسرائيل

    الشرق الاوسط

    أحمد عثمان


    اختلف رجال الآثار حول الزمان والمكان اللذين عاش فيهما الملك سليمان (بن داود)، فبينما تقول القصة التوراتية إنه عاش في بداية القرن العاشر قبل الميلاد، تبين أن الاستحكامات والبنايات التي نسبت إليه ترجع إلى تاريخ آخر. وبينما حاول بعض الباحثين الذين اجتمعوا في المتحف البريطاني بلندن في 29 يونيو (حزيران) الماضي، للتعرف على طرق قوافل البخور في جزيرة العرب، تحديد عصر ملكة سبأ ليتفق مع عصر سليمان منذ ثلاثة آلاف سنة، نفى آخرون وجود سليمان في تلك الفترة.


    القرآن الكريم، لم يذكر شيئاً عن الزمان الذي عاش فيه الملك سليمان، الذي وردت قصته في سور «الأنبياء» و«النمل» و«سبأ» و«ص»، ولا عن حجم مملكته أو مكانها، لكن الروايات التوراتية تذهب إلى أن سليمان عاش خلال النصف الأول من القرن العاشر قبل الميلاد. وبحسب ما جاء في سفر الملوك الأول التوراتي، فإن سليمان كان «متسلطاً على جميع الممالك من النهر (الفرات) إلى أرض فلسطين وإلى تخوم مصر، حيث كانوا يقدمون الهدايا ويخدمون سليمان كل أيام حياته».


    وخلال الملتقى المنعقد في المتحف البريطاني، فاجأ جوناثان طاب، رئيس قسم آثار الشرق الأدنى في المتحف، المؤتمرين بقوله: «لما كان العرف قد جرى على اعتبار حكم سليمان في القرن العاشر قبل الميلاد، فقد جرى تحديد تاريخ ملكة سبأ في نفس ذلك الوقت. والآن يحاول الباحثون الذين يقبلون بتحديد وقت معين لحكم سليمان، البحث عن حكم (مملكة) سبأ التوراتية، والعثور على مملكة مناسبة في اليمن تصلح (لهذا الغرض) في القرن العاشر.. إلا أن آثار بلاد الشام خلال السنوات العشرين الماضية تقريباً، لم تتوقف عند الشك في تاريخية سليمان نفسه كحاكم مهم في بداية تاريخ إسرائيل، بل انها تتعارض مع حقيقة وجود مملكة (إسرائيل) المتحدة نفسها، بالشكل الذي قدم في الرواية التوراتية.


    وتابع طاب ان البقايا الأثرية التي تنسب عادة إلى سليمان، عبارة عن «مجموعة من البنايات الأثرية، بنايات عامة أو قصور في مجدّو، أبرزها أربع بوابات ضخمة مدعمة تتبعها أسوار محصنة للمدينة، عثر عليها في مجدّو وحازورة وجيزر. ولمجرد أن هذه الآثار حدّد لها تاريخ في القرن العاشر، اعتبرت كما لو كانت شاهداً على برنامج سليمان الواسع في البناء.. وعندما تمت أعمال الكشف في تل جزريل الذي قامت به جامعة تل أبيب والمدرسة البريطانية لعلم الآثار في القدس في تسعينات القرن العشرين، أخرج هذا الموقع الذي شيدته عائلة عمري خلال القرن التاسع عشر.. فخاراً مماثلاً للفخار الذي عثر عليه في المستويات السليمانية في مجدّو وحازورة.. مما أدى في السنوات الأخيرة، إلى إعادة فحص ما يسمى بالمعمار السليماني».



    * مملكة داود وسليمان


    * حسب الرواية التوراتية، فإن داود بن يسي من قبيلة يهودا، كان يرعى الأغنام ويحسن العزف على العود، وجاء ليعيش عند شاؤول، وهو الذي خلفه في قيادة قبائل بني إسرائيل. وتتضمن الرواية التوراتية معلومات متناقضة عن هذا الملك. فنحن نجد داود ومعه جيش مكون من 600 رجل يحاربون في صراع داخلي بين القبائل الإسرائيلية أو مع الفلسطينيين، وفجأة نجد تفاصيل معارك كبيرة تخوضها جيوش منظمة في مواقع محصنة عديدة من أرض الهلال الخصيب.


    لم يكن صدق الرواية التاريخية يهم الكهنة في شيء، إذ كان هدف الرواة الأساسي من ادعاء هذه الانتصارات الجبارة هو حث بني إسرائيل على ترك عبادة الأصنام والعودة إلى ديانة موسى، لكي ينصرهم ربهم على أعدائهم. وبحسب هذه الرواية، مات داود تاركاً لخليفته سليمان إمبراطورية تمتد حدودها ما بين النيل والفرات، دون أن يعرف أحد من أين جاءت هذه الإمبراطورية؟.


    وحتى هذه اللحظة، لم يتمكن الأثريون من العثور على أي دليل يشير، صراحة أو كناية، على مملكة داود وسليمان في فلسطين. وبينما تقول رواية سفر صموئيل الثاني، وسفر الملوك الأول، بأن الملك داود أقام إمبراطورية تمتد بين النيل والفرات، أورثها لسليمان بعد موته، فإن رجال الآثار لم يتمكنوا من العثور على ذكر واحد لأي من الملكين الإسرائيليين، رغم وجود 300 موقع بأرض فلسطين تجري فيها البعثات الأثرية أعمال الحفر، سواء في إسرائيل أو الضفة والقطاع.


    وأدى عدم ظهور أدلة أثرية تتفق مع قصص التوراة، إلى الاعتقاد بأنها روايات أسطورية لا تعبّر عن الأحداث التاريخية. إذ يقول توماس تومسون استاذ دراسات العهد القديم بجامعة كوبنهاغن الدنماركية، ان الاعتقاد الذي كان سائداً حتى القرن التاسع عشر، ذهب إلى اعتبار أن القصص التوراتية تمثل أحداثاً تاريخية حقيقية، ثم تغير هذا الموقف تماماً الآن، بعدما أظهرت نتائج الاكتشافات الأثرية عدم وجود أي أدلة تؤيد ما جاء في هذه القصص من أحداث وتواريخ «فليس هناك دليل من الآثار على وجود مملكة إسرائيلية متحدة أيام شاؤول وداود وسليمان، كما لم ترد أية إشارة لهؤلاء الملوك في المصادر التاريخية». ويعتقد تومسون أن «قصص التوراة تضمنت أحداثاً تاريخية قديمة لشعوب وممالك أخرى في الشرق الأوسط، جرى اقتباسها لتكون جزءاً من تاريخ مملكة بني إسرائيل»، بل انه يذهب إلى أن دولة يهودا التوراتية لم تظهر إلا منذ القرن الخامس قبل الميلاد، في زمن الحكم الفارسي، ولم يكن لهذه الدولة أية علاقة بدولة إسرائيل التي قامت حول السامرة قبل ذلك بأربعة قرون ودمرها الآشوريون عام 722 ق. م، ونقلوا سكانها إلى مناطق أخرى، وأحلوا أقواماً عربية مكانهم.


    تحكي لنا قصة سليمان ـ ويدعى «شلما» (شلومو) في العبرية ـ أنه جلس «على كرسي داود أبيه وتثبت ملكه جداً.. وصاهر سليمان فرعون ملك مصر وأخذ بنت فرعون، وأتى بها إلى مدينة داود إلى أن أكمل بناء بيته وبيت الرب وسور أورشليم حواليها». وبينما فشل الأثريون في العثور على أية بقايا للبنايات التي ورد ذكرها في قصة سليمان ضمن طبقات الأرض التي ترجع إلى القرن العاشر قبل الميلاد، فإنهم عثروا على بقايا هذه البنايات نفسها في الشرائح التابعة لعصر أمنحتب الثالث قبل ذلك بأربعة قرون.


    ويبدو أن كتبة الرواية التوراتية استعاروا بعض القصص المتعلقة بالإمبراطورية المصرية بين النيل والفرات ـ قبل عصر سليمان بخمسة قرون ـ ونسبوها إلى ملكهم.


    ويلاحظ وجود تشابه بين هذه الروايات، خصوصاً مع ما نعرفه عن تاريخ أمنحتب الثالث والد اخناتون. فقد كان أمنحتب الثالث يسيطر على معظم أجزاء العالم المعروف في زمانه، وامتدت حدوده شمالاً عبر نهر الفرات في جنوب آسيا الصغرى، وجنوباً عند شلال النيل الرابع وسط السودان في أعماق افريقيا، رغم أنه لم يخض معركة حربية واحدة في حياته، لأن أجداده من ملوك الأسرة 18 أسسوا تلك الامبراطورية. وعندما توفي تحتمس الرابع، والد أمنحتب الثالث، كانت الأمور قد استقرت للملك الصغير الذي تولى الحكم وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، فلجأ إلى الديبلوماسية في علاقاته مع ملوك الامبراطورية. وعمد أمنحتب الثالث إلى الزواج من أميرات ممالك الامبراطورية وتبادل الهدايا مع الملوك، خصوصاً الذهب الذي كانت مصر تحصل عليه بكثرة من مناجم افريقيا، لبناء علاقات صداقة مع الدول التابعة له.
    وعندما جلس أمنحتب الثالث على عرش مصر، كان الثراء قد وصل إلى درجة لم يصل إليها من قبل، ولا هو وصل إليها في أي عصر لاحق، واستطاع الملك الذي ساد السلام في عصره، أن يستخدم هذا الثراء في البناء والمعمار سواء في مصر أو في بلاد سورية وكنعان، حيث شيد المعابد والقصور والمدن المحصنة، وكان لوجود عدد كبير من أسرى الحروب في ذلك الزمان أثر فعال في ازدياد القوى العاملة التي استخدمت في أعمال قطع الحجارة والبناء.



    * القدس


    * أيضاً تقول قصة العهد القديم، إن داود بعدما صار ملكاً على قبائل يهودا وإسرائيل، استولى على مدينة القدس عندما «ذهب الملك ورجاله إلى أورشليم إلى اليبوسيين سكان الأرض.. وأخذ داود حصن صهيون، وهي مدينة داود.. وأقام داود في الحصن وسماه مدينة داود». ولم نحصل على تفاصيل هذه القصة المنسوبة إلى داود، في أي مصدر تاريخي ولم ترد الإشارة إلى داود نفسه في المصادر المصرية أو البابلية، فكان من الطبيعي أن يحاول الأثريون في العصر الحديث العثور على الأدلة للتأكد من صحة هذا الجزء من القصة تاريخياً، كما وردت عنه في سفر صموئيل، الثاني من كتب العهد القديم. ومع أن عمليات البحث عن البقايا الأثرية القديمة في القدس ازدادت بشكل ملحوظ منذ وقوع هذه المدينة في أيدي السلطات الإسرائيلية في يونيو 1967، تبين أن لا وجود لمدينة ولا أسوار في الفترة التي تقول الرواية التوراتية بأن القدس كانت فيها عاصمة لداود وسليمان.


    وكانت بعض المصادر التاريخية التي جاء بها ذكر أورشليم قد أوحت من قبل بوجود مدينة القدس المحصنة، على الأقل منذ القرن الرابع عشر السابق للميلاد. فهناك ستة خطابات من بين رسائل العمارنة التي وجدت في مصر قبل نهاية القرن الماضي، كتبها «عبدي خيبة» إلى الملوك المصريين والذي وصف نفسه بأنه كان «حاكم متاتي (ارض) أورشليم». واستناداً إلى هذه الرسائل، قال المؤرخون بوجود مدينة كبيرة في منطقة القدس خلال حكم الملك إخناتون وأمنحتب الثالث، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وجاءت نتائج الكشف الأثري الأخير، متعارضة تماماً مع هذا الاعتقاد، ولم يعثر على بقايا أية مدينة قديمة في موقع القدس ترجع إلى تلك الفترة الزمنية.


    ويبدو الآن أن أورشليم هذه لم تكن مدينة سكنية، وإنما كانت مزرعة أقيمت عندها نقطة للحراسة العسكرية لتأمين الطريق المؤدي إلى بيت شان (بيسان) في الشمال.


    وبحسب ما ذهب إليه العالم الدنماركي تومسون، فإن عدد سكان منطقة اورشليم في عصر داود كان أقل من خمسة آلاف، مما يصعب معه القول بأنها كانت عاصمة لامبراطورية كبيرة، وهو يرى أن علاقة اليهود بالقدس لم تبدأ إلا منذ القرن الرابع قبل الميلاد فقط.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 10:17 am